Tuesday, August 28, 2012

الخميني والتيارات السياسية التي ساهمت في تبديل الحكم الإيراني


الخميني وصوله الى الحكم والأطراف الدولية الني ساعدته

 الحكم الإيراني من مدني متأثر بالغرب الى ديني يسيطرعليه آية الله


                                              إعداد:سيمون بو عون



إن قدوم الخميني الى الحكم في إيران لم يتم بين ليلة وضحاها،بل سبق مجيئه سلسلة من التحضيرات الواسعة والتطورات الجذرية سهلت إعتلاءه السلطة.ففي الوقت الذي كانت فيه إيران تسلك طريق التطور والنجاح السياسي والإعتماد على الدول الأجنبية (هذا كان السبب البديهي لمحاربة الشاه بعد إتساع الفجوة بين الطبقة الغنية وتلك الفقيرة) ،كانت هناك تحركات سياسية مناهضة للشاه لتنحيته عن الحكم .ولقد تميزت إيران في فترة الحكم البهلوي بتأثرالشاه رضا بهلوي بمبادىء مصطفى كمال أو أتاتورك،وجرى الإبن على سنة أبيه في إتخاذ الغرب، ولاسيما مدنيته،قدوة له.لم يتقبل الشعب الإيراني الصورة الكمالية للإصلاح التي تأثر بها رضا شاه وابنه محمد بهلوي،فثاروا بقيادة رجال الدين على تقليد الغرب في شؤون الدولة وشعروا برغبة الحكم إعطاء المنطقة وجها أتاتوركيا معاديا للشرق وللتراث الإسلامي وحرضوا الجماهير على الحكم البهلوي المتأثر بنظرة مصطفى كمال.

التيارات السياسية

في فترة السبعينات برزت في إيران عدة تيارات سياسية:
-إتجاه وطني إسلامي يمثله الخميني
-إتجاه ماركسي إشتراكي يمثله الشيوعيون الماركسيون بفصائلهم المختلفة
-إتجاه وطني علماني يمثله الجيش
-إتجاه ليبرالي تقليدي يمثله الشاه محمد رضا بهلوي
ومما لا شك فيه أن الإتجاه الوطني الإسلامي كان الأقوى بين صفوف الإيرانيين الحريصين،رغم كل الضغوط،على تراثهم الشرقي الإسلامي.وعبثا حاول الحكم في إيران إقناع الشعب بأنهم يتحدرون من سلالات أوروبية وناطقون بلغة هندو-أوروبية وأنهم ذو أمجاد سابقة للإسلام.شكك الإيرانيون بهذه التوجهات وتم ربطها بالمصالح الغربية الطامعة بثروة إيران ولاسيما النفط،أما الغلاة من رجال الدين في إيران فكانوا ينظرون الى الطلائع الشيوعية الماركسية على أنها نوع  آخر من الغزو الفكري الأوروبي وأنها وجه آخر لقطعة النقد الواحدة.ولعل الشرارة التي فجرت الوضع مع الشاه هو ما ذكرته وكالة "نوفوستي"السوفياتيةحول قيام الشاه بإصلاحات زراعية أثار نقمة الطبقة المالكة الغنية فحرضت رجال الدين على الثورة.إن مشكلة الشاه كما قال بعض أنصاره هي الخط "الكمالي" القائم على "التغريب"مع شعب مسلم علمه التعامل مع الغرب الشك بإيجابياته فكيف بسلبياته؟

من هو آية الله الخميني؟



قال حسن الزين  في كتابه:"الثورة الإيرانية في أبعادها الفكرية والإجتماعية" أن الخميني "هو المحرك الكبير والفكر المنظم لهذه الثورة التي أفاقت في نفوس المؤمنين ،بناء لأعنف إنتفاضة عرفها تاريخ هذا الشرق ،في سبيل مجتمع مثالي العقيدة والفكر في إقامته أسس الحق والعدل والمساواة".

ولد الإمام الخميني في التاسع من نيسان العام 1900في قرية قريبة من أصفهان.تلخص هدفه في تحرير العالم الإسلامي المبني على تقدم شعب القرآن الكريم.دخل في معارضة شديدة ضد الشاه عندما كان جميع رجال الدين يلتزمون الصمت،وثار ضد الإصلاحات التي فرضها الرئيس الأميركي كينيدي واعتبرها إجراءات لإخضاع شعب إيران للنفوذ الغربي.أوقف العام 1963 من أجل قيادته "الثورة البيضاء"ضد الشاه.أثار هذا التصرف إحتجاجات كثيرة تحولت في ما بعد الى ثورة صاخبة ثم أخلي سبيله ولكنه أعيد الى السجن بعد بضعة أشهر على أثر ثورته ضد الحصانة القضائية التي منحت للمستشارين الأميركيين ونفي الى تركيا العام 1964ثم الى النجف عام 1978،غادر العراق الى فرنساوعاش في منطقة "نوفل لا شاتو"ومنها الى إيران حيث عاود نشاطه المناهض للسياسة البهلوية.

العلاقة الإسرائيلية-الإيرانية

لدى وصول الخميني الى الحكم صرح قائلا:"إن إسرائيل في حالة حرب مع المسلمين وقد بلغ النفوذ الإسرائيلي في بلدنا حدا لا يطاق حتى أن العسكريين الإسرائيليين يتخذون من أراضينا قواعدا لهم وأسواقا لبضائعهم".جدير بالذكر أن علاقة النظام الإيراني بإسرائيل إبان حكم الشاه كانت من أهم وأكبر العوامل التي أثارت النقمة لدى الشعب ،فقد أمكن لإسرائيل بواسطتها من تصدير قسم كبير من منتجاتها الصناعية الى آسيا وحتى الى بعض البلدان العربية عن طريق إيران بعد تغيير سماتها.وكانت إيران تؤمن حاجاتها من النفط بنسبة 90% من الإستهلاك الإسرائيلي.

ألوف الخبراء الإسرائيليين ساهموا في توجيه وتسيير الإقتصاد الإيراني وكان طبيعيا أن يؤدي ذلك الى إنعاش الإقتصاد الإسرائيلي ،حتى أنهم شاركوا في تنظيم الإدارة والجيش والشرطة في إيران.وكان أكثر من ثلاثة آلاف إسرائيلي يعمل في إيران، أما عدد اليهود فكان يتراوح بين 75 ألف يهودي سنة 1968،ولم تكن إسرائيل وحدها الموجودة بقوة في إيران فأميركا أيضا كانت تتوافق هي وإسرائيل على سياستها،ولقد دربا معا:أميركا بواسطة الإستخبارات الإميركية ،وإسرائيل بواسطة خبرائها ،رجال الإستخبارات الإيرانية"السافاك"خلال سنين عديدة،إبتدأت منذ الخمسينات وبإيعاز من الشاه.وعلى الرغم من قوة الجيش الإيراني فإنه لم يصمد أمام الثورة الخمينية التي بدأت العام 1971وانقسم الشعب الإيراني الى ثلاث فئات:
- فئة تؤيد النظام الشيوعي
- فئة تقليدية دينية تؤيد الإمام الخميني
- فئة من الجيش تؤيد نظام الشاه
أما الفئة التي تؤيد النظام الشيوعي فلقد كان لمجلة "express"تعليق خاص جاء فيه: " إن صادق قطب زادة الذي كان صلة الوصل في باريس بين الحزب الشيوعي الفرنسي وزميله الإيراني هو من المقربين من الإمام الخميني والناطق الرئيس بإسمه.هذه الأمور تجعلنا نحتار في هوية الخميني ، ولكن العالم الغربي وبالأخص الولايات المتحدة وحليفتها الدائمة إسرائيل لم يعد في مصلحتها إرتقاء قوة إيران مخافة أن تحل مكان إسرائيل فعمدتا معا الى زعزعة حكم الشاه.
أما أبعاد تأييد أسرائيل للثورة الإيرانية ودور الدعاية الصهيونية فواضح جدا."
ولقد كانت للخميني معتقدات واجتهادات كثيرة ضد الشاه:رفض الحضارة المسيحية ،والإيديولوجية الماركسية  والعودة الى السلف. أما مصلحة إسرائيل في دعم هذا التيار فهو المراهنة على تشويه صورة الإسلام في العالم وإظهار الدول الإسلامية بأنها إرهابية وتمارس العمل السياسي بصورة متخلفة.ولقد ساعدت إسرائيل الخميني بشكل ملحوظ، وسلحت القوات التابعة له ومولته، لأن فشل هذا التيار يعارض مصلحتها،إنما بعد أن كانت تسلح الخميني رأت إن سلاحها أصبح ضدها مع إمكانية وصول السلاح الى الطائفة الشيعية الموجودة بكثرة في جنوب لبنان.

العلاقة مع أميركا

مهما ثار الخميني على الولايات المتحدة وعلى إسرائيل وعلى مظاهر المدنية يبقى الوحيد المتأثر بهذه المظاهركلها، فتعامله مع هاتين الدولتين يتناقض مع عدد  من العقائد ، وعندما رفع الخميني شعار "لن يبقى خبير أميركي واحد في إيران" كان رواية يرويها على أصحاب العقول الصغيرة." ونذكر هنا حادثة رهن إيران لإثنين وخمسين أميركيا كانوا موجودين في إيران ، وبالرغم من المساعي المبذولة للإفراج عنهم إشترطت إيران إعتذارا علنيا من الولايات المتحدة على كل ما ألحقته بإيران من  إساءة وأضرار خلال ولاية الشاه .وفي 21 تشرين الأول 1980 فوجىء العالم بزيارة قام بها محمد علي رجائي رئيس الحكومة الإيرانية الى نيويورك ، والمبرر الذي أعطي لهذه الزيارة أن رجائي أراد الدفاع بنفسه عن موقف إيران من قضية الرهائن الأميركيين أمام مجلس الأمن ، والمعروف أن رئيس الحكومة الإيرانية من ألد أعداء أميركا،- أو هذا ما كان يقوله - ولم يقابل الرئيس الإميركي كارتر الا انه ام ينس أن يقول في مؤتمره الصحفي: " إنني واثق من أن الولايات المتحدة مستعدة للموافقة على الشروط الإربعة التي طرحها الخميني مبدئيا وهي :
- تعهد الولايات المتحدة بعدم التدخل في الشؤون الإيرانية الداخلية
- الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المحتجزة في المصارف الأميركية ( أكثر من 8 مليار دولار)
- عدول الولايات المتحدة عن الملاحقات القانونية وعن كل ما لها من مطالب من إيران
- إعادة أموال الشاه السابق الى الحكومة الإيرانية
وكان الإمام الخميني قد ألغى شرط الإعتذار العلني عن الجرائم الأميركية،ولكن محمد رجائي بزيارته الى أميركا لم يقابل أحدا وكذلك أعضاء الوفد المرافق له...ومع ذلك إنفجرت قضية الرهائن  دون سابق إنذار مع إرتفاع موجة التفاؤل.وفي الوقت نفسه خرج الرئيس الأميركي جيمي كارتر عن الحياد الذي كان قد إلتزم به حيال المتحاربين،فأعلن أن العراق هو البادىء بغزو إيران...وقالت مصادر وزارة الخارجية الأميركية أن المعدات الحربية التي كانت إيران اشترتها قبل أزمة الرهائن ثم منع شحنها بعد الأزمة جاهزة في الصناديق فور الإفراج عن الرهائن.
كيف حدث هذا كله؟
الأوساط الرسمية الأميركية إعتصمت بالصمت ولكن ليس طويلا إذ صرحت في ما بعد الى أن إتصال رجائي بالسلطات الأميركية تم عبر طرف ثالث مقرب من أميركا .إعترض رجال الدين على فكرة إطلاق الرهائن الذي سيؤدي الى زعزعة الثقة بالنظام.غير أنه في حال عدم الإفراج عن الرهائن الأميركيين فإن إيران ستتأثر استراتيجيا وخاصة وأن الجيش العراقي قادر على سيطرته على منطقة عربستان بكاملها وإن لم يتم تزويد الجيش الإيراني بالسلاح ضاع كل شيء،وسارعت أميركا عبر إسرائيل بتسليم الخميني السلاح،وهكذا بدأ مشوار التسلح بين إسرائيل وإيران بإيعاز أميركي .

نظام الحكم
\
يعتمد نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية على دستور 1979وهو تاريخ الإطاحة بآخر ملوك إيران الشاه محمد رضا بهلوي.تتشكل الدولة من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية أو الولي الفقيه وهو يشرف على السياسات العامة للبلاد وكذلك قيادة الجيش والإستخبارات ،ويتم إنتخابه من قبل مجلس خبراء القيادة الذي ينتخبهم الشعب.ويحل في المرتبة الثانية رئيس الجمهورية المنتخب بواسطة الإقتراع الشعبي وذلك كل أربع سنوات على أن يمكن التجديد له مرة واحدة فقط.أما مجلس الشورى الإيراني فيمثل كافة طوائف الشعب من :أذربيين،عرب،فرس،أرمن،يهود.

الصراع الإيراني -الإسرائيلي

بالعودة الى الزمن الحالي 2012 تبدلت  كافة المعطيات وبات الصراع الإيراني-الإسرائيلي جد واضح وذلك جراء تهديد إسرائيل بنزع السلاح النووي الإيراني والذي تخاف من تطوره ،بالمقابل  قامت إيران بتقوية كافة حلفائها في المناطق العربية المجاورة مع إسرائيل .إن أي هجوم تقوم به إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية أو المناطق المتحالفة مع النظام الإيراني ستتم مواجهته بعنف من قبل حلفاء إيران في المنطقة وهم:سوريا في المرتبة الأولى وحزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين.

                                                                          (بحث علمي )

المراجع:
- مجلة الحوادث :1979-1982
- كتاب:الثورة الإيرانية في أبعادها الفكرية والإجتماعية- حسن الزين
- محمد هيكل في كتاب:khomeiny et sa revolution. edition :jeune afrique
- جريدة النهار 
- قراءات لمقالات ريمون آرون

No comments:

Post a Comment