Sunday, July 29, 2012

عمالة الأطفال في لبنان مشكلة إجتماعية تستوجب المعالجة


فنجان قهوة مرة!


أقتربت نحوي تحمل صينية القهوة وسمعت صوتا يقول لي : "كيف تحبين القهوة؟" وأجبت بدون تركيز "بدون سكر"
ومددت يدي لآخذ الفنجان فرأيت أنامل صغيرة وصغيرة جدا ،صعقت ونظرت الى حاملة الصينية فرأيت طفلة لا تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها،وأصبت بدهشة عارمة جعلتني أنسى موضوع المقابلة التي كنت أقوم بها وخاصة وأنني كنت في حضور شخص شغل عدة مناصب تربوية وناضل في سبيل التعليم والتثقيف ولست أدري أيضا ما هي المناصب التي شغلها ولكنها كلها تتناقض مع ما رأيت في منزله!والأقسى من كل ذلك أنه ما أن دخلت الخادمة الطفلة الى المطبخ حتى انهالت عليها ربة المنزل بالضرب...ضبطت نفسي الى أقصى الحدود وتفاديت التدخل في شؤون هذا المنزل.وبعدما قامت بواجبها التأديبي عادت ربة المنزل الى الصالون حيث كان زوارها من نساء الطبقة الراقية...وبدأن كل واحدة منهن بإبداء رأيها بما جرى مع مشاركة كافة النساء بتجاربهن مع الخدم وتمنيت لو لم أسمع شيئا!نساء قلوبهن قاسية كالحجر يتعاملن مع الخدم كما لو كانوا عبيدا لهن حتى ذهب بهن البعض الى القول "إشتريت الخادمة ب 300 دولار!"

الأطفال بحاجة الى الرعاية والحماية واللعب أيضا

<><><>
</> <><><>
</>
أطفال  صغار أما مستقبلهم العلمي فمجهول
في الواقع أصبحت مقابلتي مبتورة لأنني رأيت تشويها لكافة النظم والعقائد التربوية التي يناضل من أجلها محدثي ،هذا الذي يناهض عمالة الأطفال يستخدم طفلة، لأن أهلها من الجهلة كما قال ،بدل من وضعها في مدرسة تقيها الجهل والعوز!
أن عمالة الأطفال ،وبالأخص الأطفال المتسولين ،منتشرة في كافة البلدان أما في لبنان فهي واضحة حيث تراهم يلتصقون على شباك سيارتك لبيعك علكة أو لمسح الزجاج وكل هذه المناظر تتم على مرأى من أعين المسؤولين وغالبا ما تكون التدابير المتخذة هزيلة.







Monday, July 16, 2012




جمعيات لبنانية للتوحد : مراكز ومدارس لدعم الأطفال والأمل بدمجهم بالمجتمع ممكن

عوارض التوحد متفاوتة وأسبابه قد تكون  جينية أو خلل دماغي وإصابة الذكور أعلى من الإناث

هموم الأهل كبيرة ونفقة المعالجة جد مرتفعة والمساعدات متوفرة من وزارة الشؤون الإجتماعية والمؤسسات الخاصة



سيمون بو عون



"نحن لا نذهب الى أماكن عامة مع ولدنا "جاد" ونفضل النزهات في الطبيعة بعيداً عن الناس لأنهم يستغربون تصرفاته وأحياناً يخافون منه أو يلمحوا لنا بأنه قليل التهذيب لعدم تجاوبه أو رده على الأسئلة المطروحة عليه . " كلام قالته إحدى الأمهات وعبرت فيه عن حجم المعاناة التي يعيشونها مع أطفالهن المتوحدين الذين يحلقون في فلك آخر والمطلوب دمجهم ضمن المجتمع ومنحهم الحب والمرافقة ، وفي هذا السياق تم تأسيس عدة  جمعيات هدفها  مساعدة  الأهل ودعمهم  بهدف تأمين العيش الكريم والمستقبل الأفضل وإرشادهم الى كيفية التعاطي مع الطفل المتوحد والدفاع عن حقوقه.



التوحد هو إضطراب في النمو، يعيق الطفل عن التعبير والتواصل الإجتماعي مع محيطه، تظهر العوارض في السنوات الأولى. هي إعاقة مدى الحياة وهو مظهر سلوكي لإضطراب عصبي يؤثر على وظائف الدماغ وقد تكون الإصابة خفيفة أو متوسطة أو شديدة. أما العوارض والمميزات فيمكن إختلافها من ولد الى آخر. ودلت التجارب الى أن الإكتشاف المبكر خلال السنوات الأولى من الحياة يساعد الولد على النمو ويجنبه إزدياد عوارض التوحد. كما يوجد إضطراب آخر يسمى "متلازمة  أسبرجر" ويُعرف به الأشخاص الذين لديهم بعض العوارض الخفيفة من التوحد  وهؤلاء لديهم قدرة ذكاء حادة إنما يعانون من إضطراب في التواصل الإجتماعي مع محيطهم.

تتميز عوارض التوحد بضعف وصعوبة في العلاقات الإجتماعية والتفاعل ومحدودية الإهتمامات يترافق مع خلل واضح في التعبير اللغوي وفي استعمال المخيلة وعدم القدرة على اللعب ضمن مجموعة بالإضافة الى قيام الطفل المتوحد بتصرفات متكررة ومقاومة لأي تغيير في البرنامج اليومي الإعتيادي.

أسباب التوحد غير معروفة لغاية اليوم لكن بعض الأبحاث تشير الى ضلوع العوامل الجينية  وأخرى الى خلل في الدماغ، أما ظهور عوارض المرض فتأتي جراء تعرض الطفل لبعض العوامل مثل وجود التصلب الحديبي لدى الأم في بداية الحمل أو إلتهاب جراء الحصبة الألمانية بالإضافة الى وجود بعض الخلل الكروموزومي. وأشارت إحدى الدراسات الى إرتفاع الإصابة لدى الذكور أكثر منه لدى الإناث وذلك بسبب خلل في كمية الهرمون الذكري تيستوستيرون والمرتبط بفقدان التركيز البصري الذي هو أحد عوارض التوحد. إلا أنه من الممكن وجود هذا الخلل الهرموني لدى بعض الذكور دون إصابتهم بهذا المرض . ولقد قام بهذه الدراسة مركز كامبردج للأبحاث حول التوحد . وتبين أن نسبة الإصابة لدى الذكور هي 4 مقابل أنثى واحدة، كما  تتوزع الإصابة بالتوحد بين 1 الى 3 من كل 1000 مولود.

الأكتشاف المبكر لحالة التوحد أمر بغاية الأهمية من ناحية التربية والتدريب لأنه يساهم في تحسين وضع الطفل الذي يحتاج الى برامج تربوية فردية متخصصة وذلك كل حسب حاجاته وقدراته. ويمكن تحسين نوعية الحياة في حال التدخل في عمر مبكر وخاصة في إكتساب مهارات التواصل والعناية الذاتية والإعتماد على النفس. ولما كان من الصعوبة إكتشاف عوارض التوحد خاصة من قبل الأهل فسوف نشير اليها بالتفصيل حتى يتم التنبه الى هذه الإعاقة والتوجه الى المراكز المختصة بمعالجة هذه الإضطرابات.

بداية يعاني الطفل المتوحد من إضطراب في السلوك الإجتماعي والتفاعل مع الآخرين: نقص شديد في التواصل من ناحية النظر واستخدام الإشارات للتفاعل مع الناس وعدم التركيز البصري يترافق مع فقدان المشاركة مع الألعاب التي تحتاج الى أكثر من لاعب وهو بالتالي لا يتجاوب مع الأطفال أو مع طلبات الآخرين، ويلبي حاجاته بمفرده أو يستخدم يد الشخص الآخر لتلبيتها، ويعاني من ضعف في التعبير والإنفعالات وحساسية مفرطة تجاه بعض الأصوات أو الروائح. أما من ناحية القدرات اللغوية ومهارات التواصل والإستيعاب فهو لا يتجاوب مع اللغة المحكية ولا يلتفت عند مناداته بإسمه ويتجاهل الأوامر الكلامية ويترافق كل ذلك مع إنعدام الكلام أو قلته وتأخر بالنطق ويعيد الكلام بشكل ببغائي فإذا ما سألته "ماذا تأكل ؟" أجاب: "ماذا تأكل؟" ويردد الكلام خارج سياق الحديث ويجد صعوبة في استخدام الكلام للمحادثة والتواصل ولا يستعمل اللغة للتعبير عن حاجاته.
اللعب والخيال

الطفل المتوحد لديه قدرة ضعيفة في مجال اللعب الرمزي والإبداع واستخدام المخيلة فهو لا يعرف اللعب بطريقة مناسبة كما لا يشارك بالإلعاب التي تتطلب مجموعة من اللاعبين، ويواجه صعوبة في التركيز على نشاط محدد، على أنه كثير الحركة أو قليلها: يتحرك ويركض ويدور أو يبقى ساعات في زاوية واحدة دون حراك ويتفاعل مع الإثارات الحسية (الضوء والملمس)، وينجذب الى الأشياء التي تتحرك بشكل دائري. أما في المنزل فيتعلق بشخص محدد من محيطه وينفر أحياناً من التقرب الجسدي. والعوارض الجسدية واضحة فهو يقوم بحركات متكررة كأن يرفرف بيديه ويلعب بأصابعه ويهز برأسه ويدور حول نفسه، أضف الى أنه لا يشعر بالألم فلا يبكي لدى تعرضه للأذى وأحياناً يعض يده ويطرق رأسه بالحائط ويعبر عن إنزعاجه بالبكاء دون سبب واضح. ويمكن للطفل المتوحد إمتلاك بعض المهارات الفنية مثل الموسيقى أو الرسم.
المعالجة المبكرة

من الضروري البدء بالمعالجة المبكرة للأطفال المصابين بالتوحد ومن العوارض الأولية لهذه الإعاقة هدوء الطفل بشكل غير طبيعي ويخال للأهل عدم وجود طفل في المنزل غير أن قلة منهم يصرخون بصوت عال طيلة الوقت وبدون توقف، علماً أن المظهر الخارجي للطفل جد طبيعي. تجاه هذه العوارض من الضروري عرض الطفل على طبيب أطفال متخصص بالنمو ولديه خبرة بالتوحد أو عوارض "أسبرجر" ويقوم الطبيب بتشخيص عوارض الطفل بالمشاركة مع مجموعة من الأخصائيين من طبيب أطفال، طبيب نفسي للأطفال، طبيب أعصاب، مساعد إجتماعي، مربية مختصة، معالجة نطق، معالجة نفس- حركي، معالج نفسي. وتجدر الإشارة الى عدم وجود علاج جذري للتوحد إلا أنه يتم تطبيق  مجموعة من الطرق العلاجية التي تمنح الطفل بعض  التطورعلى كافة الأصعدة.
جمعيات لدعم الأهل

الإصابة بالتوحد والتعرف الى الإعاقة لم يكن شائعاً في أوائل التسعينات علماً أنه ومنذ العام 1943 تبين وجود هذا الخلل السلوكي لدى بعض الأطفال ولم تتطور دراسة هذا المرض قبل الستينات. عانى الأهل وحدهم من هذه المشكلة لأنه غالباً ما كان يتم التشخيص الأولي الى إمكانية إصابة الطفل بالصم أو أنه قليل الحركة والكلام  وربما يجب التريث الى عمر الثلاث سنوات، وهنا المشكلة الكبرى لأنه مع التأخر بالتدخل المباشر يتدهور وضع الطفل ويصبح من الصعب مساعدته. مجموعة من النساء وقعن في هذه الحالة وأردن مساعدة الأطفال المتوحدين بأسرع الطرق فأسسن "الجمعية اللبنانية للتوحد" سنة 1999 وهي تضم أهالي أولاد متوحدين ومجموعة من الأخصائيين، وبدأ العمل على دمج الأولاد المتوحدين في المدارس العادية منذ الصغر لتسهيل دمجهم في المجتمع في الكبر. وتم إنجاح هذه الفكرة وتجاوبت بعض المدارس مع المشروع التي خصصت صفاً للأطفال المتوحدين بإشراف فريق عمل متكامل مؤلف من أخصائيين يواكبون تطور الطفل. وتقوم الجمعية بإرشاد الأهل الى كيفية التعامل مع أطفالهم ومساندتهم  لتخطي المصاعب المرافقة للتوحد واختيار النظام التربوي الأنسب للطفل حسب قدراته.

وأشارت السيدة أروة حلاوي رئيسة "الجمعية اللبنانية للتوحد" الى المشاكل المادية التي تعاني منها الجمعية بسبب إرتفاع كلفة المعالجة وخاصة وأنها غير حكومية ولا تبتغي الربح والهدف الرئيس من إنشائها الدفاع عن حقوق الأشخاص المتوحدين ومساندة عائلاتهم. وركزت على برامج التوعية ونشر برامج التدخل من خلال التشخيص والتدخل المبكر والذي يسلط الضوء على النظم التربوية العالية التخصص والمفصلة على قياس ذوي الإحتياجات الفردية للأطفال المتوحدين بالإضافة الى دعم وتوسيع القدرات المهنية للموظفين والمؤسسات التي تقدم خدمات لهم. أما الجمعية فتضم أكثر من 300 عضو موزعين بين لبنان والدول العربية والخليجية وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية وكندا، وهي عضو "شبكة الدمج" والإتحاد الوطني لجمعيات مؤسسات التخلف العقلي والمنظمة العالمية للتوحد و"توحد أوروبا" .

"الجمعية العلمية للأوتيزم والتحليل السلوكي" مركز آخر يساعد في دمج الأطفال المتوحدين من حلال خطة علاجية فعالة عن طريق إستخدام أسلوب التحليل السلوكي. وأشارت السيدة شفيقة غربية رئيسة الجمعية الى أن الأسلوب العلاجي المعتمد في المركز هو حصيلة دراسات وأبحاث على مدى 40 سنة جرت في الدول الأوروبية وأميركا حول التوحد وترتكز الطريقة على تلقين الأطفال مهارات جديدة عبر تبسيطها الى وحدات صغيرة بداية ثم زيادتها تدريجياً حتى يتوصل الطفل الى القيام بهذه المهارات بشكل طبيعي. وأوضحت السيدة غربية بأن برنامج التعليم يمتد على فترة تتراوح بين 25 الى 30 ساعة في الأسبوع ويتم تعميم التعليم في حياة الأولاد اليومية داخل المركز وخارجه، كما يتم تخصيص معلمة واحدة لكل طفل وهي متدربة على برنامج (آي بي آي) ABA وهي طريقة تعلم من واحد لواحد. وعلقت السيدة غربية الى أن التشخيص غالباً ما يكون خاطئاً أو معدوماً الأمر الذي ينعكس سلباً على تطور الطفل المصاب بالتوحد وبالتالي خسارة فرصة تحسين حالته والتوصل الى مستقبل أفضل، وتحاول الجمعية منح الأطفال المتوحدين فرصة دمجهم مع الأولاد العاديين في المدرسة والمجتمع ومن ضمن برنامج تعليمي يشمل كل من له علاقة بالطفل. وكلما بدأ العلاج مبكراً كلما ازدادت فرص التطور، ويغطي البرنامج التعليمي كافة الجوانب الوظيفية كالتواصل الإجتماعي والأكاديمي والنطقي والنفسي. ويؤمن المركز برنامج التعليم في المنزل للأطفال الساكنين في الأماكن البعيدة عن المدينة.          

مشاريع مكلفة والمال؟

برامج التعليم جد مكلفة ويعاني بعض الأهالي من سوء أحوالهم المادية إنما تقوم بعض المؤسسات المحلية والأجنبية بمساعدة هذه الجمعيات.
إستطاعت الجمعية اللبنانية للتوحد تنفيذ عدة مشاريع بفضل دعم المؤسسات والحكومات المحلية والعالمية من خلال تمويل عدة منظمات محلية وأوروبية منها "أوكسفام"، كيبيك، الإتحاد الأوروبي، مؤسسة الوليد بن طلال للخدمات الإنسانية، البنك الدولي، مجلس الإنماء والإعمار. وتضمنت تلك المساعدات إطلاق حملة توعية عامة وتنفيذ نشاطات تختص ببناء القدرات المهنية وتطوير المواد التربوية، إنتاج مواد إعلامية، التشبيك والتعاون مع قطاع الإعلام، تقديم خدمات التشخيص والتدخل المبكر ، بالإضافة الى القيام بدمج جزئي من النواحي التربوية والتعليمية والمهنية والتي تستهدف الأشخاص الذين يعانون من التوحد. إضافة الى ذلك تنشط الجمعية بجمع التبرعات والمساهمات التي تسمح برعاية مصالحها ونشاطاتها المختلفة.
والمشروع الأهم الذي قامت به الجمعية هو مركز للإكتشاف المبكر تم إفتتاحه العام 2005 عبر هبة من مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية بقيمة 50000 دولار، وقدم المركز الكثير من الخدمات الى حوالى 150 طفلاً من ذوي الإحتياجات الخاصة من مختلف المناطق اللبنانية. ومن ضمن هذا المشروع تم فرز صف للمتوحدين في بعض المدارس وفيه يتم تطبيق برامج التدخل الهادفة الى تقديم تربية مختصة للأطفال الذين يعانون من التوحد في بيئة دامجة. وتم تأسيس مدرسة للتدريب المهني للأشخاص الذين يعانون من التوحد في العام 2006 ويقدم فرصاً للتدريب المهني للمراهقين من خلال مدارس مهنية مختصة ونظامية في لبنان، كما يقدم المشروع دعماً للأهالي من خلال ورش عمل تهدف الى تحسين معرفتهم ومهاراتهم في التعامل مع أولادهم والتخطيط لمستقبلهم. ويعتبر هذا المشروع تكملة لمشروع الحقوق الإقتصادية للشباب ذوي الإحتياجات الإضافية والذي أُطلق في العام 2005 بتمويل من "أوكسفام". وتنظم الجمعية اللبنانية للتوحد يوماً ماراتونياً للتوعية من خلال تنظيم حملات إعلامية في المدارس والجامعات وتشارك في المؤتمرات وخاصة تلك المتعلقة بطب الأطفال بالإضافة الى إقامة حلقات شهرية لمساندة الأهل معنوياً ونفسياً كما تهتم بتدريب الأهل والمعلمين على الوسائل والتقنيات الخاصة بالأطفال المتوحدين.
كما توجد عدة جمعيات في لبنان تهتم بالأطفال المتوحدين مثل  "الجمعية العلمية للأوتيزم والتحليل السلوكي" وتحاول تقديم بعض الحسومات بنسبة 50% للأهالي الذين يعانون من عجز مادي كما تقوم وزارة الشؤون الإجتماعية بمساعدة بعض الأطفال ودعمهم ويتم تعليمهم مجاناً إنما تبقى الإمكانات محدودة أمام التكاليف المرتفعة لهذ النوع من التعليم. وتقوم السفارة الأسترالية بتقديم منح سنوية للمركز غير أن المركز يحتاج الى حافلة لنقل الأطفال المتوحدين لدمجهم في المجتمع مثل زيارة المراكز التجارية والمطاعم لتدريبهم على كيفية التصرف في هذه الأماكن.
هموم الأهل

في إحدى المنشورات التابعة للجمعية  اللبنانية للتوحد" الجملة التالية: "تحية الى الأم التي اختارها الله من بين الأمهات لكي تكون أماً لطفل متوحد. نشكر الله على نعمته هذه. "ومن بين الكلمات نستشف مدى صعوبة التعامل مع هؤلاء الأطفال لأنهم يحتاجون الى الكثير من الحب والمرافقة الدائمة والى أعصاب قوية ونفسية صلبة، فعندما يستسلم الأهل لمشكلتهم يضيع الطفل ويفقد أية إمكانية للتحسن. معاناة الأهل كبيرة والهم الأول هو كيفية الحفاظ على حياة كريمة لأطفالهم. السيدة سلمى أم لطفل متوحد أخبرتنا كيف ينظر الناس الى طفلها المتوحد في الأماكن العامة لأنه في بعض الأحيان ينبطح أرضاً ويصرخ أو يرفرف بيديه ويدور حول نفسه وخاصة عندما يصعب عليه التعبير عما يريده وهنا يتجمع الناس ويتكلموا بقسوة عن تصرفات الطفل الغريبة وهذه الأمور تزعجها وقالت "الله لا يجرب أحداً، المشكلة صعبة وتتطلب جهوداً جبارة من الأهل وأتمنى وجود مؤسسات كبيرة لمعالجة هذه الإضطرابات  غير أنني أفضل بقاءه معي في المنزل بين أخوته لأنه يكون سعيداً معهم". أما السيدة ناديا فأشارت الى القلق الذي يلازمها من ناحية الإعتناء بولدها بعد وفاة الأهل وخاصة بغياب المؤسسات التي تُعنى بهؤلاء الأطفال الذين سيغدون شباباً وكهولاً... وطالبت بضرورة وجود حضانة للإكتشاف المبكر لهذه الحالة حيث أنها تأخرت بإكتشاف مشكلة ولدها  الأمر الذي أخر تطوره فهو لا يكتب ولا يقرأ وكلامه قليل جداً بحيث يقول "ماء" فقط عندما يود الشرب ويجد صعوبة في تركيب جملة مكونة من ثلاث كلمات... من جهتها تمنت السيدة حسانة من المؤسسات الرسمية وغيرها بضرورة مساعدة الجمعيات المختصة بالتوحد لإنشاء معهد للتدريب ما قبل المهني للشباب المتوحدين. أما الأمنية  التي عبرن عنها  كافة الأمهات اللواتي التقينا بهن  فكان ضرورة إنشاء وحدات سكنية للأشخاص المتوحدين يضم مجموعة من الأخصائيين لرعايتهم والإهتمام بمشاكلهم.

العناية اليومية بالطفل المتوحد أمر بالغ الصعوبة ويحتاج الى دعم نفسي للأهل أولاً لكي يستمروا في مساعدة أولادهم، والقاعدة الذهبية للوصول الى الصلابة المعنوية هي فهم الظروف والإحتياجات التي يتطلبها المتوحد وما هي الوسائل المثلى للعناية به وبالتالي دمجه في المجتمع والإكتشاف المبكر يساعد في تحقيق هذه الخطوة، ولعل الأهم من كل هذا هو عدم الشعور بالذنب لأنهم أنجبوا طفلاً متوحداً لأنهم غير مسؤولين عن إصابة ولدهم بهذا الإضطراب. وفي الدول الأوروبية يزداد الوعي حول هذه المشكلة وهي تقدم المراكز التي تهتم بهذه الفئة من الناس، ولعل فيلم "رجل المطر"
  Rain man
يعبر خير تعبير عن التوحد إلا أنه في نهاية الفيلم لم يستطع أخ الطفل المتوحد العناية به بعد إستشارة الطبيب النفسي وتم إلحاقه بالمركز الخاص الذي يعتني بالأشخاص المتوحدين. وعلى أمل أن يصل لبنان الى هذه المرحلة من الوعي لا يمكننا سوى مؤازرة الأهل معنوياً على الأقل لأن الحمل كبير عليهم!

Saturday, July 7, 2012

القطاع الزراعي في لبنان والتحديات صعبة




مشاكل القطاع الزراعي تتفاقم والمزارع اللبناني الخاسر الأكبر

معظم الانتاج يصدّر بالأمانة والخلل واضح في مراقبة معايير الجودة


 هل ينحدر لبنان إلى ما دون مرتبة العالم الثالث ؟

                                                               

 سيمون بو عون /النهار

يواجه القطاع الزراعي، وخصوصا قسم التصدير، مشاكل كثيرة مرتبطة بشكل مباشر بهيكلية الإنتاج العشوائي. ورغم توافر الظروف المناخية والزراعية الملائمة للزراعة لا يزال لبنان في حاجة الى استراتيجيات خاصة بهذا القطاع تساهم في نموه، وخصوصا وأنه يعتمد على الزراعة حيث أن مساحة كبيرة منه مكونة من السهول الخصبة، لكن الواقع الإقتصادي غير مزدهر على الإطلاق.
انخفضت نسبة الصادرات للمنتجات الزراعية الخام والمصنعة الى الواردات من 18 في المئة عام 2003 الى 17 في المئة عام 2004، لتعود وترتفع الى 20 في المئة عام 2005. أما بالنسبة الى العامين الفائتين فلم تُنشر بعد الجداول الرسمية لنسبة الصادرات والواردات. وتُعتبر الخضر والثمار والفواكه من أبرز صادرات المنتجات الزراعية، اذ بلغت قيمتها عام 2005 حوالى 68 مليار ليرة لبنانية، وتُشكل 26 في المئة من القيمة الإجمالية لصادرات الصناعات الغذائية، تليها المشروبات والسوائل الكحولية بنسبة 21 في المئة، ثم محضرات الحبوب والدقيق وتشكل حوالى 12 في المئة من مجمل صادرات المنتجات الزراعية المصنعة.

المساحة المزروعة
احتلت زراعة الأشجار المثمرة والفواكه المرتبة الأولى من حيث المساحة عام 2005، إذ بلغت مساحتها 75,9 ألف هكتار، وتخطت الحمضيات حوالى 22 في المئة من هذه المساحة، والنجيليات 65 ألف هكتار، والزيتون 58,8 ألف هكتار، والخضر 42,1 ألف هكتار. ويتصدر البقاع المساحات المزروعة 38 في المئة، ثم الشمال 27 في المئة، والجنوب وجبل لبنان 12 في المئة لكل منهما، والنبطية 11 في المئة، كما استأثرت محافظة البقاع بالمركز الأول من حيث المساحات المزروعة بنسبة 67 في المئة، وجبل لبنان 47 في المئة، والشمال والجنوب 45 في المئة لكل منهما، ولا تتعدى نسبة الريّ في محافظة النبطية نسبة 5 في المئة.

الصادرات ماضياً وحاضرا





 قبل بدء الحرب اللبنانية في السبعينات كان ميزان الصادرات من الإنتاج الزراعي مرتفعا جدا ويصل وزن الشاحنة الى 20 طنا تقريباً (120 شاحنة يومياً من الفاكهة والخضر). وضمن هذه الفترة وصل إنتاج التفاح الى 9 ملايين صندوق، وكان يصدر حوالى 50 في المئة منه الى الأسواق العربية وبعض دول أوروبا وخصوصا أوروبا الشرقية. أما في يومنا هذا فلا يتعدى إنتاج التفاح 4 ملايين صندوق، كما أن الصادرات منه لا تتجاوز 30 في المئة. كما ارتفعت اثناء الحرب اللبنانية نسبة الصادرات الى 180 براداً للخارج، وهذا كان مستغرباً لإن نسبة الصادرات إرتفعت بالتزامن مع إندلاع الحرب. لكن ما ان انتهت الحرب حتى انخفضت الصادرات الى ما لا يزيد على 30 براداً يومياً، ويعود السبب في إزدهار الصادرات قبلاً الى تدني سعر الليرة اللبنانية الأمر الذي ساهم في تنشيط الصادرات ودعمها. ولم تستمر الحالة على هذا المنوال، وخصوصا في غياب المراقبة الفعالة من الدولة فتركز الهدف الأساسي على الحصول على امكان التصدير من دون التطرق الى المواصفات المطلوبة والجودة الأمر الذي إنعكس سلباً على قطاع الصادرات بعد إنتهاء الحرب، وخصوصا في الأسواق ولا سيما منها في الأسواق الخليجية، وأدى ذلك الى تدني أسعار الفاكهة والخضر اللبنانية بسبب عدم توافر المواصفات المطلوبة للمنتجات في الصندوق، فكان يتم وضع الحبات الكبيرة في الأعلى والصغيرة في الأسفل، ففقدت الدول ثقتها بالإنتاج اللبناني. بالإضافة الى ذلك كان يوجد في البقاع ما لا يقل عن 50 مصدِّراً أو مشغلاً لتوضيب الفاكهة والخضار للتصدير، وبعد إنتهاء الحرب إنخفض المعدل الى 5 فقط وذلك بسبب إفلاس عدد من تلك المشاغل الكبيرة، بسبب تراكم الديون عليها. كما يعود فقدان لبنان اسواقه وإنخفاض أسعار التصدير الى تحول بعض الدول العربية من مستوردة الى مصدرة ومنافسة للإنتاج اللبناني، الأمر الذي أثر سلباً على حركة الصادرات، وخصوصا بعد دخول دول جديدة الى السوق العربي الوحيد والتقليدي للسلع اللبنانية مثل تركيا وإيران، وأصبحت دول منافسة أساسية في الدول العربية وللبضاعة اللبنانية، وهذه الأسباب مجتمعة أدت الى إنخفاض الصادرات اللبنانية وبالتالي الأسعار. ونتيجة هذا الواقع تم إنشاء برنامج "إكسبورت بلاس" لدعم الصادرات، حيث أن البضاعة التركية مدعومة عالميا، أما إيران فتكلفة بضاعتها متدنية عن تلك اللبنانية.

البيع بالأمانة



يكاد لبنان البلد الوحيد الذي يبيع الإنتاج الزراعي ويصدّره بالأمانة. وتتم طريقة التعامل مع المشاغل بشيء من الإستخفاف، إذا جاز التعبير، فيأتي المزارع بإنتاجه الزراعي الى المشغل وفي معظم الأحيان لا يُدفع له فلس واحد قبل التصدير بل بعده، وغالباً ما تُرد بعض البضائع وهي خسارة أكيدة للمزارع. وهذا النوع من التبادل بالأمانة غير موجود مع الدول الأخرى إلا إستثنائياً. فمثلاً عندما يتم إستيراد البضاعة من بعض الدول العربية فهي تفرض فتح إعتماد أو الدفع سلفاً قبل إرسال البضاعة الى لبنان، أما المزارع الليناني فيتكبد خسائر فادحة، وخصوصا بعد رفض دخول بضاعته الى بعض الدول بسبب عدم مطابقتها المواصفات المطلوبة، وغالباً ما تكون لأسباب سياسية تحت غطاء تقني. كل هذه الخطوات تزيد من المصاريف لأنه يتم إرسال البضاعة الى دول أقل تشدداً، من هنا ضرورة التشدد على المواصفات وهذا ما تقوم به مؤسسة "إيدال" التي تدعم الصادرات اللبنانية وتساعد المزارع للوصول الى الأهداف المنشودة.

التفاح اللبناني هرم

  

Happy Apples


 


 تُعتبر بعض الأشجار المثمرة مثل التفاح هرمة اذ أن بعض الأصناف الموجودة لا تلائم إنفتاح الأسواق، وبات من الضروري تغيير الأصناف الزراعية أما المزارع اللبناني فلا يقتنع بسهولة بتغيير نوعية الأشجار أو النباتات، وعلى الدولة تغطية بعض النفقات لدعم هذا التبديل، وهو أمر غير متوافر حالياً. ومن هذا المنطلق تم وضع استراتيجية زراعية وعُرضت على جهات محلية عدة فاعلة في القطاعين الخاص والعام، وعلى اللجنة النيابية الزراعية ومجلس الوزراء، وكان من المتوقع بحثها قبل حرب تموز من السنة الماضية. ونتيجة هذه الأزمات توقفت كل الإجراءات، لكن من المتوقع إعادة فتح هذا الملف في فترة لاحقة. ويشير عدد من الفاعلين في قطاع تصدير الفاكهة الى ضرورة تغيير الروزنامة التقليدية بأخرى، وعلى سبيل المثال فإن التفاح اللبناني من صنفي "ستاركن" و"غولدن" لم يعد مرغوبا عالمياً، بل تغيرت متطلبات السوق وبات الطلب يتركز على أصناف أخرى مثل "جوناثان" و"فوجين" و"غراني سميث"... وهي أصناف جديدة. وفي هذا الاطار قامت وزارة الزراعة بتأمين بعض هذه الغرسات لمعرفة مدى ملاءمتها مع المناخ اللبناني، ولكي يقتنع بها المزارع. غير أن القطاع الخاص إستدرك هذا التطور قبل تحرّك الوزارة، وجلب الأصناف الجديدة من التفاح والمطلوبة في الأسواق الخارجية. ويميل الطلب الى الكيوي والقشطة والأفوكادو وكلها أثبتت نجاحها في المناخ اللبناني. وتقوم وزارة الزراعة بتجربة بعض الأصناف الجديدة من الفواكه مثل الدراق والخوخ والمشمش، ويتم إرسال بعض النصوب الى المزارعين لكي يزرعوها في أرضهم، وهذا يتم بالتعاون مع وزارة الزراعة ومصلحة الابحاث الزراعية بإنتاج الأصول النباتية السليمة من الأمراض الفيروسية.

المواصفات المطلوبة  





 تخضع معظم الصادرات اللبنانية من الفاكهة والخضر للمواصفات المطلوبة، وتتلاءم مع نسبة تتخطى 90 في المئة من المواصفات الأوروبية والعربية (الخليجية). كما يساهم برنامج دعم الصادرات "إكسبورت بلاس" مع مؤسسة "إيدال" في دعم الصادرات أو النقل. ويتم منح المزارع المصدِّر مبلغاً من المال مقابل كل طن تصدير لتغطية تكلفة النقل على الأقل، وتختلف القيمة نسبة الى الدول المتوجهة إليها البضاعة من ناحية قربها وبعدها من لبنان، ويفرض هذا البرنامج مراقبة التوضيب في المراكز من شركات عالمية، وعلى أساسها تُعطى البضائع شهادة عن صلاحيتها وموافقتها الشروط المطلوبة، ويُعطى على أساسه الدعم المادي لها. وتصب هذه الإجراءات كلها في خانة إعادة الثقة بالأنتاج اللبناني ولتطبيق المواصفات المطلوبة عالمياً. غير أن المراقبة ليست شديدة، وفي بعض الأحيان يطرأ شيء من التقصير في مراقبة البضائع من بعض المراقبين ، غير أن بعض الدول قد تتشدد أحياناً وخصوصا في الفترة التي يتم إنتاج نفس الأصناف المصدَّرة إليها، فتمنع دخول البضائع اللبنانية بحجة عدم مطابقتها للمواصفات المطلوبة، وتطلب بعض الشهادات بخلوها من الأمراض، وتتم معالجة المشكلة بسرعة وتُقدم الشهادات المطلوبة . وتحصل هذه الإشكالات مع الدول العربية، أما الدول الأوروبية فلا يدخلها الإنتاج اللبناني لغاية اليوم، علما أن إتفاقية الشراكة الأوروبية تعطي مميزات كثيرة للسلع الزراعية اللبنانية وإعفاءات، والتي تسمح بتصدير 50 ألف طن من البطاطا اللبنانية والمعفاة من الرسوم الجمركية عبر الممر الإيطالي والذي يُعرف بالممر الأخضر، غير أن الواقع معاكس لأن حجم الصادرات اللبنانية من البطاطا الى الدول الأوروبية هو صفر. ويعود السبب الى فترة الستينات، حيث ظهر على إحدى شاحنات البطاطا مرض "العفن البني"، فصدر قرار منع تصديرها الى أوروبا واستمر هذا المنع الى العام 2000، وقامت وزارة الزراعة بتحريك هذا الملف عبر إجراء مراسلات وزيارات. وفي العام الماضي زار لبنان وفد أوروبي وتم إطلاعه على المستندات والدراسات الحقلية التي تؤكد خلو البطاطا من هذا المرض، وأعطيت الوعود بامكان إعادة التصدير في الأشهر المقبلة. أما الحديث عن وجود تنافس مع سوريا لإنتاج البطاطا فغير صحيح حالياً، فهي تستورده من لبنان بكمية تتجاوز 25 ألف طن سنوياً، ويبقى التنافس في مجال الخضر الورقية وأحياناً الخيار والبندورة.

الإتفاقات التجارية



إنضم لبنان الى إتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية، وصولاً الى إقامة منطقة تجارية حرة عربية تتماشى مع إحتياجات الدول العربية كلها، والهدف الأساسي من هذه الأتفاقية تعزيز العلاقات الإقتصادية بين الدول العربية والعالم الخارجي والوصول الى بناء تكتل إقتصادي عربي تكون له مكانته على الساحة الإقتصادية العالمية. وترتكز الاتفاقية على تحرير كل السلع العربية المتبادلة بين الدول الأطراف وفقاً لمبدأ التحرير التدريجي الذي يُطبق منذ 1/1/1998، وذلك بخفض الرسوم الجمركية والضرائب ذات الأثر المماثل بنسب سنوية متساوية، على أن يتم إنجاز التحرير الكامل لكل السلع العربية مع نهاية الفترة المحددة لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بتاريخ 31/12/2007، كما لا تخضع السلع العربية التي يتم تبادلها في إطار هذا البرنامج التنفيذي الى أيّ قيود جمركية، ومن الضروري توافر قواعد المنشأ للسلع العربية والتي تضعها لجنة قواعد المنشأ التي أسسها المجلس الإقتصادي والإجتماعي.
في العام 2002 تمّ إبرام إتفاقية الشراكة الأوروبية بين لبنان والمجموعة الأوروبية، وهدفها تعزيز الروابط وتأسيس علاقات دائمة مبنية على المعاملة بالمثل والتضامن والشراكة والمساعدة على التطور المشترك وتأمين حرية حركة السلع في القطاعات كلها، ولا سيما بالنسبة الى القطاعين الزراعي والصناعي.

المرتبة الزراعية



تراجعت مرتبة لبنان الزراعية خلال الحرب اللبنانية، بينما كانت الدول الأخرى سائرة في تقدمها، ويعود سبب التراجع الى تضرّر البنية الزراعية وفقدان القدرة الإقتصادية للمزارع اللبناني على اعادة بناء البنية التحتية للأراضي الزراعية. كما أن الواقع الإقتصادي توجه نحو قطاعات أخرى بعيدة من الزراعة. وثمة اسباب كثيرة أدت الى تراجع هذا القطاع منها ظروف الحرب الأخيرة والتي قضت على الجزء الباقي من الإمكانات الموجودة سابقاً، وخصوصا بوجود المنافسة وانفتاح الأسواق من دون الأخذ في الإعتبار السلبيات الناجمة عن ذلك، وارتفاع تكلفة الانتاج نسبة الى الدول المحيطة بلبنان، وخصوصا أن هذه الدول تؤمّن الخدمات الإجتماعية من طبابة وتعليم، بينما في لبنان يضطر المزارع الى تأمين هذه الخدمات كلها من جيبه الخاص، الأمر الذي ينعكس إرتفاعاً على سعر الانتاج اللبناني. كما أن إعتماد السوق الحرة رفع من أسعار المستلزمات الزراعية، بالإضافة الى إرتفاع تكلفة اليد العاملة بالمقارنة مع الدول المجاورة، ولعل السبب في هذا الإرتفاع يعود الى غلاء قيمة إستثمار الأراضي الزراعية: ففي سهل البقاع قد تصل تكلفة تأجير أو "ضمان" الأراضي الزراعية الى 180 دولارا للدونم الواحد، بينما في فرنسا لا تتجاوز هذه التكلفة الـ 50 دولارا وفي سوريا 30 دولارا، أضف غلاء الخدمات الملاصقة للعمل الزراعي من توضيب ونقل وتبريد وإرتفاع سعر مياه الري والذي لا يمكن حله إلا عبر انشاء برك جبلية وأقنية ري وتجميع مياه الأمطار والحد من تسرّب مياه الأنهر الى البحر وانشاء سدود وذلك لتفادي تفاقم الخسائر على المزارع اللبناني. ولا يستطيع لبنان التماشي مع التطور العلمي السريع في ظل وجود محدودية للملكية الزراعية وتفتتها وصعوبة تطبيق الإتفاقات الحديثة. كما أن تفتت الإرث يؤثر سلباً على واقع الزراعة عدا فرض الدولة غرامات ضخمة على إنتقال الأملاك بالمقارنة مع الدول الأخرى. وغالباً ما يضطر المزارع الى بيع أرضه لدفع هذه الرسوم. والحل يكمن في تحديد المناطق الزراعية وعدم السماح بتغيير تصنيفها، لكن من الضروري التعويض على أصحاب الأراضي لأنها تكون أقل ثمناً من تصنيف الأراضي الأخرى، فلا يجوز زيادة خسارة المزارع مرتين لقيمة أرضه. ومن هذا المنطلق، إذا لم يتم إعتبار الزراعة من القطاعات الأساسية في الإقتصاد، فإن لبنان سيصل الى ما دون مرتبة العالم الثالث، وخصوصا مع توقيع المعاهدات والإتفاقات من دون مراعاة مصلحة المزارع، حيث أن أوضاعه الإقتصادية لم تتحسن من جراء هذه المعطيات.

حماية الإنتاج



ألغيت الروزنامة الزراعية من البرنامج الإقتصادي العربي بعد إبرام إتفاقية "التيسير"، لكن تم منح لبنان إستثنائياً، وبسبب حرب تموز الماضية، روزنامة خاصة وقد تُمدد الى العام المقبل ويُعمل بها بين لبنان والدول العربية وتأتي لمصلحته. ورغم ارتفاع تكلفة المنتجات المحلية بالمقارنة مع الدول الأخرى مثل سوريا ومصر وإيران وتركيا، فإنه يجب العمل على خفض التكلفة لمنافسة هذه الدول في الأسواق المفتوحة.

المختبرات الزراعية



 تخضع المنتجات الزراعية اللبنانية للرقابة من المختبرات الزراعية المعتمدة في وزارة الزراعة، والشرط الأساسي للسماح بعبورها الى الخارج يكمن في خلوها من الأمراض، اضافة الى تحديد المستوى الأدنى لمعدل الترسبات من المبيدات المسموح بها، ويتم الإشراف على هذه الفحوصات من: معهد البحوث الصناعية، مصلحة الأبحاث الزراعية، مختبر كفرشيما. وتعمل وزارة الزراعة على دعم هذه المختبرات لإعتمادها دولياً، علما أن بعضها قد حصل على شهادة "أيزو"، خصوصا بعد دعمها من الإتحاد الأوروبي.
إن إزدياد عدد سكان الأرض من 3 مليارات في العام 1960 الى 6,5 مليار في العام 2006 يطرح تحديات عدة بالنسبة الى مستقبل الإنتاج الزراعي. ولما كان لبنان يعتمد على الزراعة (حيث أن أكثر من 30 في المئة من شعبه يعتاش منها) وفي ظل غياب البرامج الزراعية والإستراتيجيات المتطورة لمساندة المزارع اللبناني (الذي يساهم بشكل أو بآخر في دعم الإقتصاد)، فإن الوطن سائر الى فقدان ثروته الزراعية، خصوصا مع غلاء إنتاجه وتنافس الأسواق وهجرة الشباب من الريف وبالتالي من الوطن