Tuesday, June 26, 2012

منافع النوم متعددة ويرفع معدل هرمونات السعادة




عــمــــل الــدمــــاغ يـــزداد ثــمـــانـيـــة أضــعــــاف أثـنـــاء نـومــنـــا

تكون هرمونات التوازن والسعادة في فترة النوم العميق


سيمون بو عون - جريدة النهار-نعود مساءً الى فراشنا ونتمنى لبعضنا ليلة هانئة ونوما عميقاً... وتصبح على خير! ولكن أين الخير إذا كان الإنسان يعاني الأرق ويتقلٌب في فراشه يمنة ويسرة ويستنجد بالأنبياء الذين يؤمن بهم لكي يغمض له جفن.

والموضوع ببساطته يشكّل جزءاً مهماً من حياة الإنسان. فما خصائص النوم السليم ولماذا ترتبط دائما نوعية الحياة بنوعية النوم السليم الذي يتكون من مراحل النوم كلّها؟
في أواخر التسعينات أولى الطب الحديث إهتماما خاصاً بالنوم ونوعيته، وتم إنشاء مراكز متخصصة لدراسة مراحل النوم والتغيرات التي تطرأ على الجسم خلال فترة النوم، وتنتشر هذه المراكز بكثرة في أميركا الشمالية وأوروبا وأيضا في لبنان.
إن الإضطرابات النفسية والعقلية والجسدية غالبا ما يكون جزءٌ منها مرتبط بنوم سيئ، فإذا أخذنا بعض الإحصاءات الموجودة في الدراسات العالمية لوجدنا الآتي: 15% من حوادث السير و30% من القتلى سببهم إصابة السائق بنوبة نعاس أثناء قيادة السيارة؛ 25% من الناس يقّرون أنهم يتكلمون أثناء النوم؛ 25% من الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 30 الى 60 عاما يعانون الإختناق الليلي، وهو ضيق مع توقف للتنفس لثوانٍ معدودة خلال فترة النوم؛ كما أن 33% يصابون بالهلوسة قبل النوم؛ 10% يستهلكون بصورة دائمة العقاقير المنومة؛ ولو كانت مشكلة النوم لا تقضّ مضجع كثيرين من الناس لما رأينا هذا الكم الهائل من الأدوية المنومة والتي تباع في الصيدليات كحل أخير لهؤلاء الذين يصبح ليلهم جحيماً،
ويُذكر أن هناك أكثر من 344 نوعاً من هذه الأدوية.

مشاكل النوم

يتكوّن اليوم من نهار وليل، وهما مترابطان لا ينفصلان عن بعضهما بعضاً، وأن أي خلل يطرأ على الفترة الصباحية يؤثر على الفترة المسائية والعكس صحيح. ونسمع عدداً كبيراً من الناس يردون حالة الأرق التي يعانون نتائجها الى كثرة الهموم، غير أن الصحيح هو أنهم يعانون نوماً سيئاً لذلك لا يستطيعون التغلب على مشاكلهم.
لمعرفة المزيد عن هذه المشاكل كان لنا لقاء مع الدكتور الياس الباشا، وهو عضو في "الجمعية البريطانية لجراحي الدماغ والجهاز العصبي"، و"الأكاديمية الأميركية لطب النوم الشافي" ويعالج في عيادته المشاكل التي تطرأ على النوم وتمنع الناس من العيش بتوازن .
عن الدلائل التي تشير الى وجود صعوبة في النوم يقول الباشا: "يعاني الإنسان مشاكل عدة عندما يعود الى فراشه ولعل أهمها: الصعوبة في النوم، الإستيقاظ عدة مرات في الليل وعدم القدرة على العودة الى النوم بسرعة، الشعور بأن فترة النوم لم تكن كافية والرغبة في العودة الى الفراش بعد الإستيقاظ يترافقان أحياناً مع شعور بالإرهاق والمزاج السيئ...، النوم خلال النهار أثناء القيادة أو في المكتب وهو نعاس طارىء لا يمكن مقاومته لأنه يشل الحركة؛ كما يعاني عدد من الأشخاص الكوابيس والسير اللاواعي أثناء النوم والهلوسة. إن النوم السليم يؤمّن التوازن النفسي والجسدي، وإن أي خلل فيه يوصل الإنسان الى شفير الإنهيار العصبي.
كما أن مشاكل النوم تؤدي الى اضطرابات في الدورة الشهرية لدى المرأة مع برودة جنسية وعجز لدى الرجل، وإضطرابات في نبض القلب، والدوخة، والصداع، والتعب المزمن، والرجفة في اليدين، وكثرة التعرق واللائحة طويلة ولا يمكن التغاضي عن ذكر الشخير الذي يسبب عدداً من المشاكل، واليوم بات في الإمكان التخلص من هذه المشكلة في عيادات معالجة مشاكل النوم". أما معالجة الأشخاص الذين يعانون الأرق فتتم "بإجراء تخطيط للنوم يبيّن عمله خلال الليل، ويظهر أن الدماغ يعمل ثمانية أضعاف عنه في النهار، ويستهلك كمية كبيرة من السكر والأوكسيجين، وتُجرى الفحوص المخبرية اللازمة، لأنه في بعض الأحيان ترتبط مشاكل النوم بأمراض أخرى أتينا على ذكرها في الفقرة السابقة، وفي حال تمت معالجتها واستمر النوم السيئ فيجب إيجاد المناخ الملائم قبل الدخول الى الفراش مثل: إطفاء النور على ألا تكون الغرفة شديدة التدفئة، التوقف عن مشاهدة التلفزيون أو العمل على الكومبيوتر قبل ساعة من الخلود الى النوم.
أما الخطوات المفيدة فهي: سماع الموسيقى الهادئة، الصلاة، التخطيط للعمل في اليوم التالي، شرب كوب من الحليب الساخن الغني بمادة التريبتوفان والتي تتحول الى ميلاتونين تلقائيا وهو هورمون النوم بإمتياز.
نشير الى أن منظمة الصحة العالمية قررت في أواخر التسعينات إطلاق برنامج عالمي لدراسة النتائج السلبية المترتبة عن مشاكل الأرق في العالم وسمي المشروع "الصحة والنوم"، وكانت النتيجة مذهلة: يعاني واحد من أصل خمسة أشخاص الأرق في العالم، وهو يؤثر على القدرة الإستيعابية والتعليمية لدى الأطفال، الأمر الذي يؤثر سلبا على الحياة الإقتصادية والإجتماعية؛ وكان هدف منظمة الصحة العالمية إكتشاف هذه المشاكل ووضع الحلول لها، وكان أن تطورت الأدوية المعالجة للأرق؛ بالإضافة الى ذلك عمل الباحثون على تطوير وتحسين السلوك الملازم للنوم مثل إحترام ساعات النوم ومساعدة الأشخاص على معرفة ساعتهم البيولوجية والتي حين يدق جرسها يجب الإيواء الى الفراش بأي ثمن، لأن النعاس كنز لا يعرف قيمته الا من يمضي الليل لا يغمض له جفن".

عمل الدماغ ليلاً

وعن عمل الدماغ في الليل يقول الباشا: "يعمل الدماغ كما أشرنا ثمانية أضعاف زيادة عن النهار، لذلك يتكوّن توازن الإنسان خلال الليل، وهو يفرز ثلاثة أنواع من الهورمونات وهي: السيريتونين seretoninيمنح المزاج الجيد والمرح، الميلاتونين Melatonine وهو هورمون النوم، Dopamine الذي يؤمّن التوازن والقدرة على التركيز والإستيعاب وتغذية الذاكرة. والجسم يتجدّد بهذه الهورمونات بالإضافة الى غيرها، فإذا نقصت كمية منها برزت المشاكل المتعلقة بها.
والنوم يمر بمراحل عدة، ويمكن ملاحظة التغيرات في تخطيط النوم:
- المرحلة الأولى: تظهر حركة بطيئة وغير منتظمة مع إستمرار حركة الجسم لمدة دقائق.
- المرحلة الثانية: وهي أعمق وتستمر من 5 الى 15 دقيقة، ويبرز في التخطيط رسم بياني يسمى بالسهم.
- المرحلة الثالثة: تبرز تموجات بطيئة أكثر وبعيدة بعض الشيء، وتتميز هذه المرحلة بالنوم العميق ويشكل 10% من مجموع ساعات النوم.
- المرحلة الرابعة: ويكون النوم أكثر عمقا، مع بروز موجات بطيئة أكثر وتمثل نسبة 20% من فترة النوم.
في المرحلتين الأخيرتين تتوقف حركة الجسم والعينين لفترة ثم تنشط حركة العينين تحت الجفنين حيث يلاحظ أن الدماغ يعمل ثمانية أضعاف، وهنا تبرز حركة العينين من دون حركة الجسم، وفي هذه المرحلة تبدأ الأحلام وتتكرر هذه المراحل القصوى من النوم كل 90 الى 100 دقيقة".

تعزيز المناعة

وعن كيفية تعزيز المناعة من خلال النوم السليم يشير الباشا إلى ان الإنسان "يمضي ثلث أو ربع حياته في النوم، وكان الاعتقاد السائد بأننا نجهل ما يحصل خلال فترة نومنا، أما اليوم ومع تطور التقنيات الحديثة نستطيع أن نؤكد بأن النوم عنصر أساسي في تجديد المناعة، وهي السلاح الأفعل لمحاربة البكتيريا والفيروسات والخلايا السرطانية التي تهدد الإنسان في كل لحظة من حياته.
ومعلوم أن الكريات البيض وعدة أعضاء أخرى في الجسم مثل اللحمية واللوزتين والزائدة والمرارة، تحارب الأجسام الغريبة والبكتيريا؛ ويدير هذا الجهاز ويقويه نوعان من الهورمونات هما: أنترلوكين 1 و2، ولا يمكن شراء هذه الهورمونات من الصيدلية لأنها من إنتاج الجسم فقط، وتُفرز أثناء وصول النائم الى مرحلة النوم العميق تحديداً ، وكأن الجسم لا يرغب في تخزين هذه الهورمونات لأنه يحب إستهلاكها طازجة وهي تؤمن الحماية للإنسان ليوم واحد فقط .
إذاً هذه الهورمونات تفرز خلال النوم العميق والذي يكوٌن 20% فقط من النوم لدى الإنسان، لذلك فإن الأشخاص الذين يعانون النوم الخفيف ولا يمرون في مرحلة النوم العميق معرٌضون لشتى أنواع البكتيريا والإلتهابات، من هنا فإن ساعات النوم غير الكافية وغير السليمة ستخفف من إنتاج الهورمونات التي تؤمّن المناعة للجسم، الأمر الذي يرتد سلباً على الجسم ويخفض من قوة جهاز المناعة.
ويجب القول أن النوعية السيئة للنوم تؤثر على إنتاج هورمون المناعة، فأي خلل يطرأ يفتٌت النوم، من هنا فإن الأشخاص الذين يعانون الشخير وانتفاضات الأرجل بشكل مستمر والتشنجات العضلية وصريف الأسنان والكوابيس وغيرها من العوارض يعانون خللاً في النوم، الأمر الذي يؤثر مباشرة على جهاز المناعة.
إن معرفة نوعية النوم باتت سهلة من خلال إجراء تخطيط خاص نقوم به لمعالجة هذه العوارض والقضاء عليها نهائياً، ولم يعد صعباً مثلاً القضاء على الشخير الذي كان معضلة تهدٌد الحياة الزوجية من شدة الإنزعاج الذي يعانيه الشريك. والمناعة ترتكز على مجموعة من العناصر لعل أهمها: التوصل الى إيجاد النوم السليم والعميق والعناية بالتغذية والإبتعاد عن المنتجات الملوٌثة".
النوم، والذي كنا نجهل كل ما يجري خلاله، لم يعد لغزاً بعد اليوم، وبات من الممكن معالجة الإضطرابات كلها من أرق وشخير... وذلك من خلال إجراء تخطيط للنوم، وعلى أثره يتم تشخيص الحالة المرضية ويُعطى المريض العلاج الملائم، وهو أحياناً لا يعتمد على الأدوية.
اليوم باتت الدول المتقدمة تدرك أهمية النوم ومدى تأثيره على الإتزان الجسدي والعقلي للإنسان.
وأخيراً قامت وزارة الصحة الفرنسية بصرف سبعة آلاف يورو لإجراء حملة توعية، حيث تمٌ السماح للموظفين في فرنسا بأخذ قيلولة بعد الغذاء، وأثناء أداء وظيفتهم، لأنه تبين أن النوم لمدة 15 دقيقة يساهم في زيادة الإنتاجية في العمل
 

No comments:

Post a Comment