Wednesday, March 21, 2012

قانون الإنتخاب اللبناني بين1960 و2000 وهل يتحول اللبناني من ناخب الى مقترع؟


في ظل قانون الإنتخاب اللبناني يتحول المواطن من ناخب الى مقترع

الناخب هو السلطة والمطلوب منه رفض المحادل والبوسطات التي
تختزل القرار الحكيم في إنتقاء الناخب
من ينتخب في لبنان وهل يشعر المواطن بأنه معني بالمشاركة في
المواطنية ؟

                                                       
                                                                              تحقيق:سيمون بو عون



إزاء الوضع السياسي المتأزم وإنقسام البلاد بين معارضة وموالاة وإشتداد التنافس
مع إرتفاع سقف الإتهامات في ما بينهما  والإنتماء
الى المحور السوري –الإيراني ، والأميركي –السعودي ... بات اللبناني على وشك لفظ
أنفاسه الأخيرة من شدة التوتر ، والواقع أن البلاد دخلت في فوضى مستترة لا يجرؤ
أحد على البوح بها .                             
ما هي مسؤولية الناخب وما هي السبل لتغيير أداء الرأي العام ، وهل يتحول المواطن
من ناخب الى مقترع ؟                                                                                                          

يأمل الناخب اللبناني من مجلس النواب معالجة كافة القضايا التي تتعلق بالشعب ،
فهو المؤتمن على مصلحة الوطن بغض النظر عن الإختلافات في ما بينهم . وفي مقولة
 للمفكر السياسي ميشال شيحا : " إن المجلس النيابي ليس وليد مفهوم ديموقراطي للحياة
الوطنية (...) بل هو نقطة الإلتقاء الضرورية بين الطوائف ، والمظهر الرسمي لإرادة
الحياة المشتركة والحكم المشترك ، إنه شرط التوازن والتناسق فإذا تعزز المجلس ،
إزدادت حظوظ التعايش (...) ، ولبنان يجب أن يُحكم بحكمة لا بقوة ذلك أن القوة تجمد
المواقف فتتنافر ، في حين تقربها الحكمة فتتحد ، والإتحاد هذا سبيله إجتماع التناقضات
والمفارقات في عملية صنع القوانين معاً . ومجلس النواب تلتقي فيه الطوائف ولو لتتقاتل
بدل أن تتقاتل خارج المجلس ، في الشارع ، في ظل الكنيسة والجامع . "                                                          
ما هو الوضع الحقيقي للناخب اللبناني وهل يذهب الى صناديق الأقتراع بكل حرية
وبدون ضغوط مالية ليختار ممثليه في المجلس النيابي ؟                                                                                                                   
الناخب هو السلطة

رأى الدكتور أنطوان مسرة رئيس" الجمعية اللبنانية للعلوم السياسية " أن نتيجة
الإنتخابات" مرتبطة بثلاثة عناصر . الأول  :القانون الإنتخابي، وهو جزء من العناصر
، والثاني :الإدارة الإنتخابية وتتضمن نزاهة الإنتخابات وحسن إدارتها من قبل الجهات
الإنتخابية المسؤولة وتسمى " الحكمية الإنتخابية " ، والنزاهة تترافق مع إنطباقها مع
المعايير الدولية ومدى توفر لوائح شطب صحيحة ، ومتابعة الناس لتصحيح هذه اللوائح
ومدى قدرتهم على المراجعة في سبيل التصحيح ، ودخول عنصر المال والترويج
والحملات الإعلامية وتدخل كافة هذه المعطيات ضمن الحكمية الإنتخابية.
العنصر الثالث : سلوك الناخب وهو المتغير الأهم لأن قانون إنتخابي جيد قد يعطي نتائج
سيئة ، وقانون إنتخابي سيء قد يصححه سلوك الناخب ، فعندما يقال أن قانون 2000
يمثل المحادل والبوسطات يكون عملياً إختزال للجانب القانوني من قانون الإنتخابات
لعدم وجود محادل وبوسطات إنما مقترعين يصعدون في البوسطات ويتبعون المحادل".
وأشار د. مسرة الى أن" المواطن اللبناني هو مقترع وليس بناخب ومرد ذلك الى 
السلوك التبعي والزبائني ، فهو يحمل اليافطات ، ويظهر ذلك  عندما يدخل الغرفة
العازلة للإنتخابات فهل يشعر بحريته كناخب ام يسقط الورقة كما سُلمت إليه ، كما أن
مفهوم التشطيب حق مقدس للناخب ، إنما بعض القوى السياسية روجت ذهنية مفادها أن
التشطيب  بمثابة خيانة ، حتى أن بعض المقترعين ، وهم ليسوا بناخبين ، يرفعون
اللائحة بكل فخر ويقولون على الملأ لدى إسقاطها في صندوق الإنتخابات " كما هي "
من دون أن يكونوا مقتنعين "
أما عن كيفية تغيير هذا المفهوم يشدد د. مسرة الى أن المسؤولية تقع بأكملها على الناخب
ومن واجبه إتخاذ القرارات الحاسمة عندما يتعلق اللأمر بممثليه في المجلس النيابي .
المال الإنتخابي
الناخب اللبناني بات أسير المال وروى د. مسرة الى أن أحد الأشخاص الذين يعتبرون
من المفاتيح الإنتخابية ذهب الى أحد النواب في منطقة الشمال وعرض عليه 1500
هوية قابلة للبيع وسأله عن المبلغ الذي يدفعه مقابل هذه الأصوات وليس من المستغرب
وجود المحادل والبوسطات . والسؤال عن متى يكون الناخب ناخباً ؟ أشار د.مسرة الى
أنه يتم لدى دخول الناخب الى الغرفة العازلة وله سلطة ضخمة توازي سلطة لويس
الرايع عشر . ويحتاج الناس الى الإطلاع على هذا الحق من هنا معنى العبارة " الشعب
مصدر السلطات " إذ أن كل ناخب يحمل ذرة السلطة وهو بالتالي السلطة التي يفوضها
للناخب .

جمهور اليافطات

أشار د. مسرة الى وجود جمهور مصفق وحامل لليافطات  في لبنان والدول العربية
والتي تنادي " بالدم بالروح نفديك يا زعيم "وعندما سأله أحد الأشخاص " انت مع من ؟
" أجابه بسخرية "من معي ؟   لأن رجل  السياسة هو مع الناس  وليس
العكس . كما أن سلوك الناخب هو المتغير الأهم . " وهنا نشير الى الذين يطرحون
إجراء الإنتخاب النسبي ، فنحن نعرف سلوك الناخب في الإنتخابات على أساس قاعدة
الأكثرية ولكننا حتما ً نجهله في حال تبدلت المعطيات ، ويوجد إقتراح يقضي بتغيير
اللبناني من مقترع الى ناخب ينتخب شخصاً واحداً مهما كان حجم الدائرة : محافظة أم
قضاء . وينجح النائب حسب الأفضلية . ففي العام 1992 برزت ظاهرة جديدة في البلد
وشعر الناس بأنهم غير ممثلين في المجلس النيابي وخاصة في مدينة بيروت ، فأنا
شخصياً قبل هذه المرحلة كنت أعرف النواب الذين سوف أنتخبهم لكن اليوم أتت نوعية
جديدة من النواب لا نعرف أصلهم من فصلهم نتيجة اللوائح المقفلة والناس ساهمت في
إقفالها أيضاً ... من هنا أقمنا حملة " الحق للتشطيب " الأمر الذي سيجبر زعماء اللوائح
على تنظيم لوائحهم يشكل أكثر عقلانية وتضم أشخاصاً جيدين مخافة التشطيب ، من هنا  
إهمية نشر ثقافة التشطيب للحصول على نوعية جيدة من النواب . "
الإمتناع عن الإنتخاب

ساهمت بعض الجهات المسيحية بالترويج لمقاطعة الإنتخابات وهي قضية خطرة حسب
ما أشار إليه د. مسرة والحقيقة أن الذين يقاطعون الأنتخاب غالباً ما يكونون من فئة الذين
يودون النوم يوم الأحد أو الذهاب الى البحر وقسم آخر يقاطع عن إقتناع . إن المقاطعة
لا تخدم المصلحة العامة للناخب إنما نشجع الناخب على ممارسة حقه حتى ولو أسقط
ورقة بيضاء ، وعلى الرغم من عدم احتسابها فإن وجود 10000 ورقة بيضاء في
صندوق ما لها وقع جد مهم وهو دعوة للتحرك لإجراء تغيير ما . " لقد نشرت بعض
الجهات المسيحية مقاطعة الإنتخابات تعبيراً عن عدم إدراك وإحباط وفقر في الثقافة
المواطنية . ففي مصر يوجد ثمانية ملايين قبطي ويوجد 500000 فقط مسجل في
اللوائح الإنتخابية وقسم ضئيل جداً منهم يمارس حقه بالإنتخاب . لذلك تم إنعقاد مؤتمر
الوجود المسيحي في لبنان نتيجة الذهنية المسيحية بالمقاطعة . الإنتخاب هو حق كل
إنسان وهو السلطة وليس رئيس الجمهورية ، والناخب فوض النائب لمراعاة مصالحه
وليس أن يستبدوا بقرارهم وفي قول للفيلسوف بول فاليري : " السياسة هي فن منع
الناس من الإهتمام بما يعنيهم . "
تحويل الناخب الى شحاذ !                                                                                                           
رأى د . مسرة نشوء شبكة من التبعية وهي متنوعة وزعمائها يحملون راية السياسة
وقسم آخر يحمل سياسة الإستبداد ، فهناك جهات سياسية لديها خدمات غير مشروطة
ومن واجب رجل السياسة خدمة الناس دون أستعبادهم . " نحن نقترب من مرحلة
مصيرية والخيار بين وجود لبنان بلد مستقل أم غير مستقل . والهدف من مقاطعة
الإنتخابات يرتكز على استراتجية تفريغ متعمد ، فلا يوجد فراغ دستوري لأن الدستور
لا يزال قائماً وهو سد الفراغ . نحن نواجه استراتجية خارجية بمؤازرة بعض الأعوان
الداخليين لضرب الكيان اللبناني وجعله هدفا  سهلا  . ويحاول بعض النواب تسخيف
الموضوع بينما الفئة الأخرى منهم خاضعة للإرهاب . وترتكز المعركة الأساسية في
لبنان على مقاومة الإرهاب ، ولا يمكن إجراء أنتخابات بوجود فئة لبنانية مسلحة
وبالتالي من الضروري إيجاد صيغة لتحييد هذا السلاح . "

قانون الإنتخاب بين 1960 و2000

يعتمد قانون الإنتخاب في العام 1960 على المساواة بين الناخبين من الناحية الطائفية
ويكون للمسيحيين والمسلمين العدد نفسه من النواب وهو 64 نائباً لكل فئة وبينت الأرقام
إرتفاع عدد الناخبين المسلمين عن المسيحيين ونتيجة لهذه المفارقة هناك عدم عدالة في
توزيع المقاعد الإنتخابية تبعاً للطوائف والتمثيل ضمن الطائفة الواحدة  . وبحسب 
دراسة " الدولية للمعلومات " فإن عدد الناخبين المسلمين أكثر من الناخبين المسيحيين
مع خلل بالتمثيل مثل عدم تمثيل نحو 9721 ناخباً مارونياً في دائرة الزهراني بأي نائب
بينما تم تخصيص مقعد ماروني لنحو 5800 ناخب في دائرة بيروت الثانية
المقترحة
ومقعد ماروني لنحو 4312 ناخبا في طرابلس ، وفي الكورة لا يتم تمثيل الموارنة 10750
 ناخبا مارونيا بأي مقعد، أما في البترون تم حرم الأرثوذكس9000 ناخب من أي
مقعد بينما تم تخصيص مقعد لنحو 10000 من الناخبين الأرثوذكس من منطقة
مرجعيون – حاصبيا .
كما تم تقسيم بيروت بموجب قانون 1960 الى 3 دوائر :

الدائرة الأولى : تضم الأشرفية والرميل والمدور والصيفي والمرفأ وميناء الحصن وهي
ذات  غالبية مسيحية .
الدائرة الثانية : زقاق البلاط ، الباشورة ودار المريسة ، وتطبع بغالبية سنية وشيعية .
الدائرة الثالثة : راس بيروت ، المزرعة ، المصيطبة : غالبية سنية . أما الإختلاف فتم
في الصيغة التي إعتمدت في إنتخابات العام 2000 ، وفي الإنتخابات الأخيرة حيث تم
تقسيم بيروت الى 3 دوائر وبتمثيل طائفي مختلف هذه المرة وتشتت كافة الأصوات
المسيحية وأصبحت الدوائر كالآتي :
الدائرة الأولى : تضم المزرعة والأشرفية والصيفي .
الدائرة الثانية : تضم المصيطبة والباشورة والرميل .
الدائرة الثالثة : تضم دار المريسة ورأس بيروت وزقاق البلاط والمدور والمرفأ وميناء
الحصن .
وأشار د. مسرة الى عدم العودة الى الصفر : فللمرة الأولى في تاريخ لبنان تألفت لجنة
رسمية تمثل كافة الجهات وإطلعت على أكثر من 220 مشروعاً واستمعت الى الأحزاب
والقوى السياسية والإجتماعية ، ووصلت الى تسوية مشروع فؤاد بطرس من خلال
إجراء مشاورات شاملة والآن من واجب النواب أخذ القرار المناسب لإعتماد أي قانون
إنتخاب يجب العمل به ، وفي حال كانت الدراسة التي أقيمت تفي بالغرض فمن
الضروري إعتمادها . وفي حال وجود خلل بها يمكن إصلاحه . ورأى د . مسرة أنه
يوجد مناورة ذات خلفية خارجية تسعى الى إعادة لبنان الى نقطة الصفر ، إنما من
الضروري العودة الى مشروع فؤاد بطرس لأنه تم بنتيجة مشاورات ومباحثات كثيرة .
الناخب في كل هذا هو الخاسر الأكبر ، لأنه وعلى مدى السنين ومنذ العام 1920 تم
تغيير قانون الإنتخاب 12 مرة وكان يرتكز على مراعاة مصلحة الزعماء السياسيين
وليس الناخبين الذين يطالبون بإقتراعهم في مكان إقامتهم وليس مكان ولادتهم ،
ومجموعة أخرى المطالب مثل المال السياسي وشراء الأصوات والحملات الإعلامية
وأمور كلها تؤثر على قرار الناخب ويصبح النائب يمثل فئة صغيرة من المجتمع من
أولئك الذين أغرتهم المصالح الشخصية والسعي الى المراكز والوظائف ...

مسؤولية الناخب كبيرة وعليه إيصال الأشخاص الكفؤ الى هذه المناصب وعدم الرضوخ
للتهديدات والإغراءات المالية لأنه في حال إستمرار وصول شريحة معينة من النواب
بواسطة الأموال فلا بد أن يصل لبنان الى حائط مسدود ويفقد اللبناني صفته كناخب
ويصبح مقترعاً لا بختلف عن باقي الدول العربية المجاورة التي لا يتبدل بها الحاكم ،
وما أن يشيخ يحضر إبنه وكأن البلاد إمارة خاصة به . لبنان أرض صغيرة لكافة سكانه والدولة
مسؤولة عن تأمين الخدمات الإجتماعية وليس النائب ..



No comments:

Post a Comment