لماذا
تتوجه الإناث الى الإختصاصات الأدبية والذكور الى تلك العلمية وما الرابط بين نسبة
الذكاء لدى الطرفين؟
يميز المجتمع اللبناني بين نسبة الذكاء لدى الذكور
والإناث،وغالبا ما تتهم الفتاة بأنها ميالة الى العلوم الإنسانية ذلك لأن نفسيتها
وطبيعتها تسمحان لها بالتناغم مع هذه العلوم.بيد أن الموضوع قد عولج من قبل
الإختصاصيين والباحثين بحيث إنقسموا بين مؤيد ومعارض لهذه النظرية.
المؤيدون لاحظوا أن المرأة حساسة بطبيعتها ويسهل وقوعها
في حالات الإنهيار والقلق،أما المعارضون فيردون هذه الحالات الى موقف المرأة من
المجتمع.
وأشار الباحثون الى أن العائلة تشكل المحور الإساسي في
تنمية شخصية الطفل وهي بالتالي المجتمع الأول بالنسبة له،وبما أن استمرارية حياة
الطفل الوليد مرهونة بإتكالية شاملةعلى من يحيط به ويرعاه،فيمكن القول أن الإنسان
الفرد يستحيل عليه الإنفصال عن المجتمع الذي هو في تطور وتغير مستمرين.
أما السؤال الذي يطرح نفسه فهو هل يوجد تمايز بين الذكور
والإناث من ناحية درجة الذكاء؟
في هذا المجال أجريت عدة دراسات نورد منها بحثا أجرته
العالمة الإجتماعية Eveline killer أشارت فيه الى أن العلم بطبيعته الأصلية شأن للذكور بحكم إرتباطه
بالموضوعية ورأت أن النساء اللواتي يدخلن الى ميدان العلم يفعلن ذلك على حساب
طبيعتهن الأنثوية.
والنتيجة التي توصل اليها العلماء هي لماذا يكون الشاب
مؤهلا بذكائه لأن يتجه نحو الإختصاصات العلمية بينما الفتاة مؤهلة لأخذ الإختصاصات
الأدبية؟ولماذا تتفوق الإناث على الذكورفي مجال الخدمات الإجتماعية والدراسات
البيولوجية والفنون والآداب واللغات،بينما يتفوق عليهن الذكور في المجالات
السياسية والرياضيات؟ ونحى البعض الى القول أن الرجل ،بصورة عامة،أذكى في المجردات
في حين أن المرأة أذكى في الحسيات.
المرأة
اللبنانية بين الأمية والتوجه الأدبي
مرت المرأة اللبنانية بظروف إجتماعية قاسية ،ففي
المجتمعات القديمة فرضت القيود على الفتاة وحددت معها سبل تربيتها وتعليمها،وكان
بالتالي تعليم الفتاة موضوعا غير قابل للنقاش لأنه تم حصر دور المرأة في المجتمع
بإنجاب الأطفال والإهتمام بشؤون زوجها وطاعته.وفي هذا الإطار نشر بحث للعالم جان
بيار فالين عن المجتمع اللبناني أكد فيه أن الأهل في المناطق اللبنانية المتخلفة يدفعون
بناتهم الى التعلم والحصول على الشهادة الإبتدائية فقط لتعزيز فرص الزواج.
أما في قضاء عكار وفي بحث للدكتور محمد الأسعد فأشار الى
ضرورة تعلم الفتاة وإيصالها الى المرحلة الثانوية فقط لأن التخصص كما يقولون ليس
لأمثالهم،ولذلك فإن الواقع الإجتماعي يؤثر على مستوى الطموح لدى البنات.
من جهته راى الدكتور جوزيف أنطون في بحث له عن المجتمع
اللبناني أن وجود الإناث في المدرسة هو أقل من وجود الذكور وبالأخص في المراحل المتوسطة
والثانوية وكثيرا ما تكون ترك المدرسة أكثر عند الإناث منها عند الذكور وفي خلال
كل مراحل التعليم.وتجدر الإشارةالى أن وجود الإناث في المرحلة الإبتدائية بلغت
43%ثم أخذت بالتدني الى 40% ثم الى 27% والى 15% في التعليم العالي وردت الأسباب
الى الشروط الإجتماعية التي تخضع لها المرأة في منطقة الشرق الأوسط والى إنحسار
سوق العمل أمام النساء وارتفاع معدل البطالة الذي لامس 45% في لبنان.
ولفت الدكتور الفرنسي جان بيار فالين الى أن ما يقال حول
الذكاء ليس ميزة طبيعية عند جنس وعقبة عند جنس آخر إنما هو نتيجة للتأثيرات
الإجتماعية والتربوية التي رافقت نمو الطفل وبالتالي فن الذكاء هو مجموعة
إستعدادات يرعاها المجتمع ومن هنا رفض المقولة التي تقول بأن عقل الفتاة يستوعب
الإختصاصات الأدبية وعقل الشاب يستوعب تلك العلمية.
وفي بحث ميداني أقيم في بعض ثانويات الشمال وفي بعض
كليات الجامعة اللبنانية الموجودة ضمن هذه المحافظة تبين في صف الفلسفة أن المجموع
العام للتلاميذ بلغ 1128 تلميذا ويتوزع بين 285 ذكرا و897 أنثى أي بنسبة 24.2%
ذكور و75,8 إناث ويؤكد ميل الإناث الى الإختصاص الأدبي. أما في الأقسام العلمية
فلوحظ أن نسبة الذكور في فرع الرياضيات بلغت 523 تلميذا مقابل 112 للإناث أي بنسبة
82.3 للذكور مقابل 17.7 للإناث،وفي فرع العلوم الحيوية لوحظ أن نسبة الذكور أدنى
من نسبة الإناث بحيث بلغت 271 للذكور مقابل 285 للإناث وبنسبة 48.7 للذكور و51.3
للإناث.
نسبة
الإقبال على المعاهد والجامعات
وطال البحث عددا من الكليات ومنها معهد العلوم
الإجتماعية ، وتبين في دراسة أعدها الدكتور جليل شكور أن تسبة الإناث بلغت 62.5%
مقابل 37.5 للذكور ،وتجدر الإشارة الى أن هذه النسبة في إزدياد مستمر.
أما في كلية الحقوق والتي تعتبر من الإختصاصات الأدبية
فيلاحظ إقبال الذكور الى هذا الفرع ربما لأن كلية الحقوف توصل الطالب الى مهنة
المحاماة والسلك الدبلوماسي وهي مهمات ذكورية لهذا نرى أن نسبة الذكور كانت 63.6
مقابل 36.4 للإناث.
وفي الحقل الطبي سجلت نقابة الشمال إنتساب 375 طبيبا و34
طبيبة من العام 1970الى الى العام 1987 أي بمعدل 91.6للذكور و8.4 للإناث ،غير أن
هذه الأرقام تبدلت في الإعوام الإخيرة حيث نرى الإناث يحاولن إثبات قدراتهن في
كافة الميادين.
ومهما قيل عن قدرة الفتاة أو الشاب فإن نسبة الذكاء تتفاوت
بين فتاة وأخرى وبين شاب وآخر وليس بالضرورة بأن تلصق بالفتاة الإختصاصات الأدبية
فحسب لأن المجتمع في تطور مستمر الإمر الذي يغير المفاهيم الموروثة من الإجداد
والتي كانت تحدد مسار الفتاة التعليمي.إن أيامنا هذه هي للتطور والإنفتاح على كافة
الإختصاصات ومع وجود سياسة تربوية ومع إنشاء مراكز للتوجيه المهني فإن الفتاة
اللبنانية بشكل خاص تستطيع منافسة الشاب في الإختصاصات التي كانت تعتبر حكرا
عليه،ولا وجود لرابط بين نسبة الذكاء والإختصاصات ،غير أن هذا التقسيم جاء نتيجة
للمفاهيم الإجتماعية المتوارثة من جيل لآخر.
(مقالة نشرت في جريدة الأنوار في العام1992 ومن الطبيعي
أن تكون الأرقام قد تبدلت ولكنها لا تزال في النسب المتقاربة خاصة وأنه في الجبال
البعيدة وعكار والهرمل لا تزال الفتاة تعاني من الأمية.)
No comments:
Post a Comment