ستة
نجوم من السياحة ...ومورادوف خصها بلوحات
قلعة عين سعادة إطلالة على 220 قرية
وعلى المتوسط
ورزق قبل رحيله تمنى تتويجها بساعة بيتهوفن
أحجارها لحظات من عمره انتهت دون تنفيذ حلمه
تخليدا
لذكرى السيد الياس رزق صاحب قلعة عين سعادة والذي بناها حجرا حجرا أعود وأنشر
مقابلة أجريتها معه لصحيفة الديار في 13 تموز 1990
تطل عليك من
البعيد،تخفي بين حجارتها ذكريات وحكايات،هندستها توحي للناظر إليها أنها قلعة
قديمة شيدت على أيام الصليبيين....
إنها قلعة عين
سعادة الأثر السياحي المميز في هذه المنطقة العامرة والتي يقصدها السواح
واللبنانيون من كافة المناطق للتعرف الى قلعة بناها شخص بمفرده،معتمدا على قوة
صبره وإيمانه بالله!
تقترب من القلعة
وتقرأعلى صخرة فوق الباب :"2000 سنة قبل المسيح"،على الرغم من أن البناء
لا يعود الى أكثر من سنة 1952 وربما كتبت هذه العبارة لإضفاء صفة القلاع والحصون
القديمة!
نصعد الدرج المؤدي
الى منزل أو "معبد" صاحبها فتعبق رائحة البخور ،وترافق خطواتنا التي
تركت صدى خلفها وخلنا أننا في معبد "فينوس" وتخيلنا أشياء وأشياء
قرأناها في كتب التاريخ عن الآثارات الفرعونية والفينيقية والرومانية.
القلعة...وأنا!
فكرة بناء القلعة
راودت مخيلة السيد رزق بعد موت والده وأراد أن يخلد ذكراه فصمم على تشييد هذه
القلعة الفريدة في هندستها.
الحديث مع السيد
الياس رزق مشوق ،يحدثك باللغة التي تريد:الفرنسية ،الإنكليزية ،العربية وبالفصحى
قي غالبية الوقت،وتكاد تشعر أنك في حضرة شاعر أو أديب يلقي أمامك أبياتا من الشعر
أو النثر المسجع،وتتطلب منك تركيزا لتفهم قصده.
استقبلنا بعباءة
ليلكية اللون ،تنسجم مع لحية بيضاء ،في عينيه ثبات وتصميم لآ يرف له جفن،يحكي لك
بشغف عن مشروعه،وعن النجوم الست التي منحته إياها وزارة السياحة تقديرا لقيمة قلعته
الأثرية،ويذكرك بين الحين والآخر أن وزارة السياحة لم تعد تهتم بالمنشآت السياحية
وأن الحرب أقفلت أبواب القلعة وأهملت قليلا الا أنها استعادت أنفاسها وبعض رونقها
في الفترة الأخيرة وعاد عشاقها إليها.
دمي
وروحي!
"القلعة دمي
وروحي،وكل حجر منها لحظة من عمري وأي تشويه يصيبها يقلقني طوال الليل"كما ردد
مرارا السيد الياس رزق.أما موقع القلعة فمميز لدرجة أنها تطل على 220 قرية وعلى
البحر المتوسط،وفي الليل ترى بيروت أمامك كعروس تشع منها الأضواء...
والبناء بدأ سنة
1952 "بثبات النملة وصبر أيوب"وأردف قائلا:"إن الله يعطي من يشاء
ويلهم من يشاء".كان يخطط في الليل ويضع الرسوم في النهار ،بحجارة تخالها قطعا
فنية.وشاءت الصدف أن يكتشف مغارة داخل القلعة أستفاد من حجارتها واستعان بالقسم
الباقي من كسارات المنصورية،وقام ببناء القلعة"معمرجية"من منطقة
القعقور.
تحف
وآثارات
تستوقفك التحف واللوحات
المعلقة في الزوايا ،وأنواع السجاد العجمي والأصفهاني وهدايا الرؤساء والتماثيل
البرونزية والحجرية،حتى تكاد تظن أنك في متحف .اللوحات للرسام الروسي مورادوف الذي
خص القلعة بلوحات البدوية والعبدة والسيد المسيح...وعلى مدخل الدار لوحة للرئيس
الراحل سليمان فرنجية أهداه إياها الرسام بيار صادق (رحمه الله)وغيرها من اللوحات
المعلقة في أرجاء الغرف.
والأثاث والأواني
فيها تعبير عن روح القلعة فلكل واحد منها قصة وطرازها مزيج من من الشرق والغرب مما
جعل القلعة كتاب صاحبها وبانيها "مكتوب بأحرف الخلود وبأحرف من نور ،لأن الجسد
يزول والقلعة لا تزول..."
غرف
وتسميات
ولكل حجرة في
القلعة إسم وتاريخ:غرفة بطرس الرسول،غرفة المطران جورج خضر،رواق زينون،غرفة
المحراب،مجلس الحكماء ...بالإضافة الى هذه الغرف هناك الملهى الليلي كتب على
مدخله:"الخمرة تكشف حقيقة الأخلاق"،والمطعم الصيفي في الطابق الأخيرمؤلف
من قناطر وتماثيل حجرية رائعة الجمال وتقام فيه الحفلات والسهرات.
وجمال القلعة يجذب
أنظار المخرجين السينمائيين عالميين ولبنانيين حيث تم فيها تصوير فيلم أميركي
وأفلام لبنانية.
وحلم صاحب القلعة
لم يكتمل وكان يطمح الى زيادة الغرف وإنشاء المعابد على أن يتوج القلعة بساعة
بيتهوفن...غير أن الظروف الأمنية وأرتفاع كلفة البناء أخرت عملية البناء الى أجل
غير مسمى،وفارق الياس رزق الحياة ولم يكمل حلمه غير أن القلعة بقيت صامدة وهي تشير
اليه في كل حجر من أحجارها.