Monday, July 1, 2013

فؤاد بطرس رجل شاهد على تأسيس الدولة اللبنانية
حمل مناقبيته من عهد الإنتداب الى لبنان المستقل
ثوابته لا تتزعزع: إستقامة، إلتزام، وطنية 

ولد فؤاد بطرس في حي الفرنيني في الأشرفية في الخامس من تشرين الثاني1917 وعايش حقبة الإنتداب الفرنسي وإقامة دولة لبنان الكبير الذي أنشىء إستجابة لرغبة المسيحيين بإقامة وطن يعيشون فيه أحرارا.
ترعرع في عائلة ميسورة إذ كان والده شريكا في مصرف مع آل داغر هو "بنك داغر وبطرس"،غير أن الأوضاع ما لبثت أن تبدلت مع مرور الوقت وخاصة مع بروز الأزمة الإقتصادية العالمية في العام 1929 وأدت بالتالي الى توقف المصرف في مطلع الثمانينيات،ولم يكن الوحيد بل لحقه "مصرف كيرياكوس وزهير"،وفي هذه الحقبة تأثرت أوضاع العائلة إقتصاديا واضطر فؤاد بطرس الى العمل باكرا.
درس الحقوق في الجامعة اليسوعية وعمل خلال دراسته في دائرة "الموازين والمكاييل وقمع الغش"وهي دائرة تابعة للمفوضية الفرنسية ووزارة الإقتصاد.شارك في مباراة الإختبار غير أنه توجب على المتقدمين لهذه الوظيفة أن يكونوا قد أتموا الواحد والعشرين من العمر ،ولكي يستطيع بطرس اللحاق بهذا الإختبار تم تعديل تاريخ ميلاده فأصبح 1914،وهكذا نجح في الإختبار وكانت وظيفته الإولى.
بدأ العمل في العام 1936وكان دوره إعتماد النظام المتري في القياس والغرام في الوزن بدل الذراع والرطل.ثم عمل كمساعد قضائي في العدلية إبان الإنتداب الفرنسي ،وبعد الإنتداب أسندت اليه وظيفة إضافية في المحكمة العسكرية.في نهاية العام 1964ترك السلك القضائي بعد تفاقم وضع القضاء والتدخل السياسي في الحكام والضغط على القضاة.
إلغاء الطائفية السياسية
منذ عهد الإستقلال وموضوع إلغاء الطائفية السياسية كان مطروحا،واعتبره بطرس وهما لأن الطائفية جزء من تكوين لبنان وهويته،وكان يتذكر دائما قولا للكاتب الفرنسي مونتسكيو مفاده:"لا يمكن تغيير طبائع شعب وشيمه بنص قانوني".
عاصر بعض رؤساء الجمهورية:بشارة الخوري،فؤاد شهاب،سليمان فلرنجية،شارل الحلو،الياس سركيس.
 تأثر كثيرا بشخصية فؤاد شهاب ووجد فيه نظافة الكف والإستقامة ووضوح الرؤية السياسيةمع قدرة مميزة في تنفيذ الآراء والنجاح بها.وكان هم الرئيس شهاب الحفاظ على ما وضعه من أسس لبناء دولة حديثة حيث تأسست في عهده كافة المؤسسات مثل مجلس الخدمة المدنية،التفتيش المركزي، الضمان الإجتماعي،مصرف لبنان ...
أما في عهد الرئيس الياس سركيس فقد لعب دورا بارزا في إدارة الأزمات السياسية من خلال وزارة الخارجية حتى قيل أن الرئيس سركيس طلب من فؤاد بطرس البقاء الى جانبه طيلة فترة ولايته .
قانون الإنتخابات 1960
شهد فؤاد بطرس على وضع قانون إنتخاب 1960،وكان هدف الرئيس فؤاد شهاب وضع قانون إنتخابات يكون مدخلا لمصالحة حقيقية ومثالا للحوار بين كافة فئات الشعب اللبناني وطوائفه.
عقدت جلسة في السادس من كانون الثاني 1960برئاسة الجنرال فؤاد شهاب وتم بعدها الآتي:إعتماد البطاقة الإنتخابية،العازل الإلزامي للمقترع في قلم الإقتراع،وفي الشهر عينه تقرر رفع عدد أعضاء مجلس النواب من 66 الى 99نائبا. وفي الثالث من شهر آذار 1960 أقر مشروع قانون الإنتخابات والذي قسم بيروت الى ثلاث دوائر،وألحق دائرة برج حمود بالمتن الشمالي ودمج الدائرتين الشوفيتين في دائرة واحدة وألحق راشيا بدائرة البقاع الغربي.
الإنتخابات النيابية
خاض فؤاد بطرس الإنتخابات النيابية وفاز في العام 1960وأصبح نائب رئيس المجلس،وكان أول من فكر بإنشاء تكتل نيابي وأسماه"الكتلة النيابية المستقلة:مهمتها "تعزيز الحياة البرلمانية وهيبة السلطة وإرساء الدولة على قواعد ديمقراطية حقيقية(...).
فؤاد بطرس المتشائم
تعتبر شخصية فؤاد بطرس متزنة الى أبعد حدود ويتهمه البعض بالتشاؤم غير أنه دائما ما كان يبرر ذلك بأنه يرى الأمور بمنظارها البعيد ولم يكن يرى الورود في آخر الطريق!
وفي محاضرة ألقاها في "الندوة اللبنانية"في 29 أيار 1961تحدث عن أمور ومخاوف لا تزال سارية حتى يومنا هذا ومما قاله:"إن الديمقراطية اللبنانية ديمقراطية سياسية تنزع الى التحول تدريجيا الى ديمقراطية إقتصادية وإجتماعية(...) لا يتابع اللبنانيون إدارة شؤونهم متابعة جدية باستثناء بعض ردات الفعل التي لا تثيرها إلا مسائل ذات طبيعة خاصة..."،ولعل تشاؤمه الكبير حصل بعيد الأحداث في العام 1968حيث ولدت لديه خوفا على لبنان وتشاؤما على مصيره،وراقب الإنقسام بين يمين لبنان مسيحي الطابع يضع سلامة لبنان في رأس سلم أولوياته ويريد إبعاده كليا عن الصراع الدائر في الشرق الأوسط،وبين يسار لبناني إسلامي الطابع يعمل على إنغماس لبنان كليا في الصراع ويطالب بفتح الجبهات مع اسرائيل وإطلاق حرية التدريب والتحرك والعمل للمقاومة الفلسطينية.وتبين له عمق المشكلة وتلاشى الحلم الذي عمل عليه مع الرئيس فؤاد شهاب حول الإنتماء الأوحد للمواطن للبنان ومؤسساته فقط،وبدأت المناوشات مع المجموعات الفلسطينية وأدت الى ألإنقسام بين مؤيد ومعارض.
مشاركة وزارية
شارك فؤاد بطرس في عهد شهاب في وزارة التربية التصميم ثم تناوب على وزارة العدل ووزارة الدفاع في العام 1946
أما في العام 1968 إرتبط اسمه بموقع وزارة الخارجية في عهد شارل الحلو.
في عهد الرئيس الياس سركيس، عمل الى جانبه بكل تفان على أمل إعادة بناء الدولة بكل مؤسساتها وتدعيم ثقة اللبنانيين بمستقبلهم غير أن الظروف الإقليمية كانت أقوى من تلك الإحلام وانغمس لبنان في لعبة المحاور في ظل غياب ملحوظ للدول العربية في وقف النزاع الذي كان يتبدل من كتف الى أخرى.
خرج نهائيا من قصر بسترس ومن وزارة الخارجية في تشرين الثاني 1982 وخاصة مع وجود معوقات شخصية حالت دون تعامله مع عهد الرئيس أمين جميل .


المراجع:
كتاب :فؤاد بطرس المذكرات 
صحف ومجلات