Sunday, February 26, 2012

فيلتر التعقيم يعطي مياها ملوثة

فيلتر التعقيم يعطي مياها ملوثة بالبراز والجراثيم  الهوائية
صحة المواطن في مهب الريح والمطلوب التشدد في مراقبة معايير السلامة العامة


كانت المقولة الدائمة التي تتردد على كل شفة ولسان أن مياه ينابيع لبنان ملوثة بمعظمها وغير صالحة للإستهلاك البشري .أما أن تشتري فيلتر لتعقيم المياه بغية تنقيتها من الشوائب الموجودة فيها ويعطيك مياها ملوثة أضعافا" وأصعاف فهنا الطامة الكبرى.
كيف تم إكتشاف هذه المشكلة؟ قامت بلدية عين سعادة في منطقة المتن الشمالي بفحص مياه نبع البساتين وهو النبع الوحيد الصالح تقريبا للشرب ويقوم معظم أهالي المناطق المجاورة بتعبئة المياه منه،فأرسلت عينة من المياه الى مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية -مختبر الفنار وأتت نتائج التحليل الجرثومي خلو العينة من الجراثيم المضرة وتطابقها مع المواصفات المعتمدة حسب معايير "ليبنور".أما تقرير التحاليل الفيزيائية-الكيميائية للعينة ذاتها فبين إرتفاع نسبة القساوة والكلسيوم والمغنيزيوم وتخطت الحد الأقصى المسموح به حسب معايير "ليبنور.ولدى سؤال البروفسور دنيا بو عون -دكتوراه في الكيمياء وهندسة البيئة، استاذة في الجامعة اللبنانية -كلية العلوم ،الفرع الثاني الفنار ،أجابت أن إمكانية معالجة هذه المياه ممكن وسهل جدا" من خلال إستعمال أنواع  محددة من الفيلترات المعدة لتخفيف نسبة القساوة الموجودة في المياه.
فيلتر ملوث!
إزاء هذه المعلومات عن إمكانية معالجة القساوة من خلال فيلتر مخصص لهذه الغاية سارع البعض الى شراء واحد من أحد أكبر محلات بيع الأدوات المنزلية في المنطقة وتم تركيبه على براد المياه المأخوذة من نبع البساتين، وبغية التأكد من فعاليته تم إرسال عينة من المياه المأخوذة من الفيلتر الى إحدى المختبرات ،وكانت النتيجة لا تصدق :مياه كانت قبل الفيلتر خالية من الجراثيم وأصبحت لدى مرورها فيه مياها" ملوثة بإمتياز ،وجاء تقرير المختبر كالآتي:إن عينة مياه الفيلتر غير مطابقة للمواصفات المعتمدة لأنها تحتوي على الجراثيم الهوائية : الأحياء المجهرية الهوائية والجراثيم المضرة، (جدول رقم 1) القولونيات الإجمالية والمتحملة للحرارة التي تتعدى نسبتها الحد الأقصى المسموح به حسب ليبنور.أما العينة التي أخذت في الوقت عينه من نبع البساتين بينت نتائج التحاليل المخبرية خلوها من الجراثيم المضرة .ولم يتم الإكتفاء بنتيجة واحدة بل تم إرسال عينة الى مختبر آخر خاص (جدول رقم 2)وكانت النتيجة كارثية إذ تبين وجود مكونات برازية مما يثبت بشكل قاطع تلوث الفيلتر وعدم أهليته لمعالجة التلوث بل هو التلوث بعينه .
د.بو عون:الخطر جسيم
لدى سؤال البروفسور دنيا بو عون عن هذه النتائج كان ردها كالآتي:"على ضوء النتائج تبين أن مياه العين كانت تحتوي على كميات قليلة جدا من الأحياء المجهرية الهوائية،وإذا اعتبرنا أنه تمت معالجة مياه العين بهذا الفيلتر المذكور هنا فإن النتائج غير منطقية ويشكك بها إذ تيبن أن المياه المعالجة بالفيلتر إرتفع فيها عدد الأحياء المجهرية عشرون مرة أكثر من مياه العين ".وأضافت:"هذا يدعو للتشكيك بفعالية الفيلتر أو بمصدر العينة المائية المأخوذة، أو بوجود تلوث ما قبل أو خلال عملية المعالجة مثل تلوث العبوة التي تم وضع عينة المياه فيها قبل إجراء الفحص ، أو من خلال الفيلتر الذي يمكن أن يكون ٌقد إستعمل سابقا لمعالجة مياه ملوثة بهذه الجراثيم "أما عن الأضرار الصحية الناجمة عن تلوث هذا الفيلتر نبهت بروفسور بو عون من الأخطار الجسيمة وقالت:"من خلال النتائج التي حصلنا عليها تبين أن عدد القولونيات المتحملة للحرارة 44درجة مئوية وعددها أكثر من مئتين وهي نسب جد مرتفعة وتشكل خطرا جسيما على صحة المستهلك في حال تم شرب هذه المياه لأن هذه القولونيات بكتيريا جد شرسة ومتحملة للحرارة وتؤدي الى ظهور عوارض صحية مثل الإسهال والتقيؤ وأوجاع في البطن وإرتفاع درجة حرارة الجسم ".أما نتائج التحليل الثاني والذي أجري في مختبر خاص فكانت نسبة المكورات العقدية البرازية 400 (جدول رقم 2) وأشارت الى "ضرورة التأكد من مصدر هذه البكتيريا والتي تكون عادة من المجارير ، لذلك من المهم بمكان التأكد من طبيعة الفيلتر المباع في الأسواق وعلى قدرته على معالجة المياه بشكل صحيح ."
 كفى إستهتارا بالصحة
لم يعد المواطن المسكين يدري من أين تأتي المشاكل، فهو بالإجمال يقبل  بكافة المشاكل الإقتصادية ويحاول تدوير الزوايا لكي يظل يملك الحد الأدنى من كرامة العيش ويدفع فواتيره مرتين أو ثلاث، ولكن عندما يحاول التوفير ويلجأ الى فلاتر المياه فتعطيه مياها ملوثة بالبراز فهذا يتخطى المنطق والمعقول، وبطريق الصدفة تم إكتشاف هذه الفلاتر الملوثة.وندعو الجهات المختصة من وزارة الصحة  والإقتصاد الى لجنة حماية المستهلك الى الإسراع في التحقق من سلامة فلاتر تعقيم المياه الموجودة في الأسواق.
اما على صعيد آخر فمن الضروري وضع خطة لإنقاذ المياه الجوفية من التلوث فعندما يقال أن لبنان خزان للمياه نتأسف على الواقع الموجود على الأرض إذ يساهم الإنسان بتلوث المياه الجوفية من خلال طمر مواد سامة في التربة وتسربها الى المياه ناهيك عن إختلاط مياه الشفة بمجاري الصرف الصحي.
سيمون بوعون


الجدول رقم 1

 
الجدول رقم 2